كم كنت اعمى



مذكرات شاب
أنا أعمى

أشعر بجسدي يفور
وقوتي تزيد
أشعر أنني أستطيع أن أحطم ما حولي
أريد أن أكبر
أن أقوى
أن أثور
ولكن تظل هناك قيود
لا تفعل
لا تقل
لا تذهب
ومتى أكسر هذه القيود
فأصنع ما أريد
وأكسر ما أريد
أنظر فأجد بجواري الفاسد يعيش ويضحك
والصالح يبكي أو يجلس في هدوء
أيهما أريد
في بدايات شبابي لم يكن يعنيني الصلاح
فالله خلق المتعة
ومازال في العمر بقية
لأخرج وأذهب وأفعل وأضحك وأثور
وغدا يأتي فلا ننتظره
ولماذا ننظر للغد

تمر سنوات الشباب وأجد سنوات مرت ولم أنجز فيها شيء
ما هذا
هل هذه هي الثورة
هل هذه هي القوة
بل هي سنوات ضياع
إذا جلست لأتذكر المتع التي مرت علي فلا أذكر الكثير
الليالي التي سهرت فيها اقنع فتاة بحبي ولم أكن أحب بل أشتهي مرت
ولا أذكر منها إلا لمسة محرمة وقبلة محرمة
وما جنيت فيها إلا هذا
يا إلهي
سامحني واعطني القوة
أريد أن أصبح إنسان
لا يشتهي بل يحب
ولكن للجسد قوة إقناع غريبة
فاليوم خمر وغدا أمر

أصر والدي أن أذهب إلى رحلة عمرة
لست أنا فأنت لا تعلم ما أعلم
لا أريد هذا الآن فمازلت في أول الطريق
لا أريد النهنهة والضعف
لا أريد أن أضع جبهتي أسفل و أدق عنقي في الأرض الجرداء

ذهبت و ارتديت ملابس الإحرام و طفت وقرأت القرآن
ذكرت الله كثيرا ولكن ومازلت أتعجل العودة إلى الشباب

في فجر يوم من الأيام ولفحات الصباح تداعب وجنتي
وجدت بجواري جثة ملقاة
تنتظر الصلاة عليها
ويبدأ الإمام في حثنا على الصلاة للميت
اقشعر بدني ووقف شعر رأسي
أي
آه
هل سنكون مثل هذا الشخص
لا أعرف وجهه ولكن أتخيل عمله
لقد فكر في مليون فتاة وهو مثلي
كان حلمه أن يلمس ويقبل ويداعب
أردت أن أعرف عمره
رغبتي المجنونة في أن أعرف عمره توقفت
تخيلت أنني سأرى فيه شاب مثلي

آه لا أريد أن أرى وجهه فيكفيني أنه إنسان
وأنا إنسان
لست حيوان ولا حشرة بذيئة كريهة
تناثرت دموعي وبكيت وبكيت وبكيت

لم أعلم أن دموعي بهذه الكثرة
اعتصر قلبي شعور بخوف شديد
كيف سأقابله وأنا نجس حقير
سامحني يا الله
سامحني
قلتها فتوقف الدمع
ونزل هدوءا على صدري
وجلست أقول
كم كنت أعمى

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ