مرآة رنا





استيقظت رنا من نومها لتبدأ يوما جديدا فاسرعت إلى الحمام لتغتسل و لم تنس أن تضع القبعة البلاستيكية لئلا يبتل شعرها و انتهت من الاغتسال لتلبس و تستعد للذهاب إلى عملها و احضرت ملابسها و امسكت بالفرشاة و وقفت أمام المرآة و حين نظرت إلى المرآة شهقت بشدة ثم صرخت لأنها لم تجد صورتها في المرآة و لكنها وجدت عدوتها اللدود و زميلتها في العمل هي من تنظر إليها في المرآة و تتحدث معها وتنتقد وجود بعض الشعيرات المبللة من شعرها.
بعدت رنا عن المرآة و جرت إلى حجرة أخرى لتنظر في مرآة أخرى لتجد تلك الفتاة الشريرة في كل مرآة تقف أمامها
ذهبت رنا إلى حجرة والدتها لتوقظها و تستفهم منها عما يحدث ، و ظلت تهز والدتها بعنف وتقول :
" ماما ... ماما .. من فضلك فيه حاجة غريبة بتحصل "
استيقظت الأم مفزوعة و نهضت من الفراش فألقت رنا بنفسها على صدر الأم و ظلت تبكي و تقول :
" أنا اتجنيت يا ماما ، أنا مش عارفة أشوف نفسي في المرايا "
طمأنتها الأم و قبلتها و احتضنتها و ظلت تهدأها بكلمات حانية رقيقة فهي ظنت أنها رأت كابوسا أزعجها، ثم ذهبتا معا إلى حجرتها لتنظرا في مرآة حجرة رنا .
وقفت رنا أمام المرآة وهي تقول لوالدتها:
" انظري يا أمي ، أنا أرى نورهان أمامي "
نظرت الأم للمرآة و لدهشتها لم تر الأم نفسها و لكنها وجدت أمامها جارتها لولا الخبيثة واقفة تنظر إليها بطريقتها المستفزة المعتادة وتعلق على الشعيرات البيضاء النافرة من رأسها ، خاصة و أن الأم لم تسرح شعرها بعد ، صرخت الأم ، بكت الابنة ، ثم جلستا متجاورتان على السرير و امسكت كل منهما بالأخرى وهما منهارتان
نظرت الام بعد فترة من البكاء و الصدمة إلى ابنتها حائرة و هي تقول :
" أنا اعتقد انه حلم ، لا يحدث في الواقع مثل تلك الأمور ، أليس كذلك يا رنا "
" ماما أنا خائفة و مش عارفة اعمل ايه "
أجابت رنا و هي تهتز من داخلها ولم تعد تمتلك السيطرة على معظم عضلات جسدها ، و نظرت الأم إلى الساعة فوجدت أن وقت عملها قد أزف و يجب عليها أن تذهب للعمل ، استحثت الأم الإبنة أن تتمالك نفسها و أن تذهب للعمل فهي استنفذت أياما عديدة من إجازات عملها في بعض إعدادات للزواج و الخروج مع خطيبها و يجب عليها أن تلتزم بالذهاب إلى العمل بلا توان ولا اهمال ، خاصة وأنها وجدت هذا العمل بصعوبة فائقة والبحث عن عمل آخر يعد من المستحيلات.
نظرت رنا إلى والدتها و هي تقول:
"ماما أنا حاروح كدة من غير ما اعرف شكلي عامل إيه ، يعني أضحكهم علي ، هل نظرت إلى نورهان في المرآة ؟ ، إنها تعلق على شعري المبلل من الأطراف "

نظرت الأم لشعر ابنتها و أطالت النظر ، ثم أكدت لابنتها أن شعرها جميل وأنها عليها الإسراع إلى العمل

وقفت رنا أمام سيارتها و هي تنظر من حولها على استحياء و كأنها عارية من ملابسها و فتحت الباب لترى إحدى جيرانها تقترب فأسرعت بالدخول إلى السيارة وهي تحاول أن تنظر إلى شعرها في مرآة السيارة لعلها تعطيها بعض اللمحات لتعرف ما هو شكلها قبل أن تراها جارتها.
وصلت جارتها قبل أن تدلف إلى سيارتها و حيتها الجارة بحرارة
" هاي يا قمر ، إزيك يا رنا ، إيه الألوان الجميلة دي ، حتتجوزي امتى ... ".
لم تعتاد جارتها على أن تكون رنا في مثل تلك الحالة من التوتر و شعرت بغياب ذهن رنا فحيتها تحية أخيرة و يدها أشارت بوضع يدها كسماعة تليفون و قالت :
" خليكي على اتصال ، باي مش حاعطلك "
لم تسمع من رنا كلمة واحدة ردا على حديثها و نظرت رنا إلى مرآة السيارة لتجد نورهان مازالت هي التي في المرآة وهي تنظر إليها و تنتقد مكياجها
بكت رنا من التوتر و لكن كان عليها الوصول إلى العمل ، و لذلك فهي أسرعت بادارة السيارة و قطعت طريق العمل في لمح البصر و لحسن حظها لم يستوقفها شرطي و هي تقود السيارة وبتلك السرعة .
وصلت لمكان عملها و تركت السيارة للمنادي المسئول عن المنطقة و أسرعت مهرولة إلى عملها و لم تجرؤ على النظر لوجوه الزملاء ووصلت إلى مكتبها وهي تتخبط في سيرها وبدأت اليوم بأن وضعت الأوراق أمامها ولكن الأوراق انتشرت حولها و سقطت من يدها في اللحظة التي سمعت فيها صوت نورهان و هي تتحدث بالقرب منها .
سمعت صوت نورهان الحاد المتميز وهي تتحدث مع زميل لها :
" هي ما لها النهاردة ؟! "

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ