لماذا تصل بنا الثانوية العامة إلى الانتحار .... دراسة مصغرة





المشكلة

أمور الثانوية العامة موجودة في كل بلد في العالم ، رأيتها في انجلترا منذ سنوات طويلة حين استضافتني اسرة انجليزية و صادفت أن الزيارة كانت وقت انتظار النتيجة و كان أمل الأهل أن ينضم الأطفال إلى ركب الأطباء مثل ابيهم و لكن لم تكن هناك تشنجات و على الرغم من القلق البسيط لعدم تحقق الحلم إلا أن ردود الأفعال كانت على قدر الحدث ، أما في مصر فالمسألة مختلفة تماما !!
أولا :
نحن شعب عاطفي جدا و نتأثر من الإحباطات بشكل يفوق أي شعب آخر ( أكاد اقسم بذلك ) و بالتالي فعدم الحصول على الرقم الأعلى الذي يتيح للطالب الدخول إلى أي كلية ، تعتبرها الأسرة مناحة ، و الله لا أرى شعبا آخر يصل به التعلق المرضي بالأبناء إلى حد إيضالهم إلى اللجنة و الوقوف خارجها إلى أن تنتهي و البكاء لعدم مقدرة الابن على حل مسألة واحدة من مسائل الامتحان ( اعيدها تعلق مرضي )
ثانيا :
هناك شعور بأن الهدف الأسمى من العملية التعليمية هو الوصول الى الكلية و قد ترى كم من الفاشلين من طلبة الكليات و الذين لم تكن لديهم الرغبة الحقة في تلك الكلية ولكنهم أرادوا أن يفخر بهم آباءهم و امهاتهم بأن التحقوا بها و تسببوا بذلك ألا يلتحق بها من يريدها بالفعل أو أن تكون قدراته مناسبة لها.
ثالثا :
نظام الثانوية العامة التي تمثل عنق الزجاجة في التحول من النظام الأساسي إلى الجامعي يقوم على أساس المسابقة و التي يبحث فيها الطالب عن الدرجة و ليس الفهم و بالتالي فتجد الإجابات يجب أن تلتزم بالطريقة النموذجية و التي يستلمها المصحح و يظل الطالب يدرس في الدروس الخصوصية الطريقة المثلي للحل و ليس للفهم
و تنتهي المسأله كلها بأن احترف المعلمون الخصوصيون الطريقة المثلي التي يمكن للطالب أن يجيب بها على الأسئلة بحيث يمكنه أن يحصل على الدرجات و يسقيها للطالب سقيا فوالله لم أصدق اذني حين سمعت أولادي في الثانوية العامة منذ سنوات يغنون جدول المواد الكيميائية !!!! ورأيتهم يحفظون مواضيع الإنشاء !!!!!

الأسباب
و لكن لماذا يتسبب هذا النظام في الانتحار
- ليس لأن الطالب كان يحلم بكلية ولم يستطع أن يصل لها ، فالكليات الأخرى تصلح أيضا ، فأحمد زويل لم يصل للطب و لكنه حصل على نوبل و نجيب محفوظ كان من القسم الأدبي و لم يكن طبيبا و حصل على نوبل و غيرهم كثيرون من الذين حصلوا على تقديرات عالمية و لم يكونوا من أوائل الثانوية العامة
- ليس لأنه مقصر و لم يقم بما عليه ، فهذا النوع من الطلاب لديه البرود و السماجة التي لن تدفعه إلى الانتحار
إذا لماذا ، لأن أهله دفعوه لذلك ، و أنا أقدم لكم تحليلي المتواضع:
1- أهل الطالب أشعروه أن مستقبله كله مرتبط بتلك الدرجات
2- اشعروه بأن هدفه هو أن يدخل كلية من كليات القمم فقط و أي كلية دزنها تعني الفشل
3- اشعروه أنهم تداينوا بسبب دروسه و أن السنة ما هي إلا عبء عائلي مادي
4- ضايقوا عليه الخناق فلم يعد يستطع أن يرفه عن نفسه و لا أن يزيل من عليه آثار التوتر و الضيق
و بالتالي فإذا رسب فعليه و على أهله السلام و ما أقوله ليس على سبيل المبالغة ، فصديقتي و قريبتي طبيبة أمراض نفسية و عصبية تقول أن موسم الثانوية العامة يأتي لها بشباب مهزوز و مريض و مكتئب

العلاج
و ما العلاج إذالو كانت تلك هي الأسباب
1- من ناحية الأهل
• يجب أن يرى الأهل من بداية تعليم الابن ، عن ما هي ميوله الأساسية ، وهل لديه أي مواهب خاصة تجعله يتميز مثل الرسم ، الرياضة ، التفوق العلمي ، التفوق الأدبي ، الخيال الواسع ، التمثيل ، التفوق في الحساب و الرياضيات ، التفوق في الحاسب الآلي ، هل يحب أن يعمل في فريق ، هل يحب أن يعمل وحده ، أي يجب أن يقوم الأهل بتحليل سليم لأولادهم لمعرفة إلى أي اتجاه يجب أن يذهب الطفل
• يجب أن يسخر الأهل مساعدتهم للأولاد في اتجاه المهارة ، فعلى سبيل المثال إذا كان من الألإضل أن يقيم لابنه ورشة بالمبالغ التي يدفعها للمدرسين ، فهذا أفضل من أن يدخله كلية يفشل فيها و لا يجد له وظيفة
• التركيز على بناء شخصية إيجابية ، تشعر بأن وجودها في الحياة ليس مرتبطا بالدراسة و لكن الدراسة تساعده في معترك الحياة و أن هناك من حصل على أعلى الشهادات و مع ذلك لا تحترمه وهناك من تعتبره من أفضل الناس و لم يحصل إلا على التعليم الأساسي
• بناء شاب يشعر أن الله معه و حوله و ليس شابا يعرف من الدين الفرائض الخمسة فقط و عليه أن يعلم أن مصيره في يد الله و أن الشعور بغير ذلك ما هو إلا شرك خفي (و العياذ بالله ) و ذلك ينطبق على الأهل أيضا
• عدم تحويل المنزل إلى ثكنة حربية ، بحيث تختفي كل مظاهر الحب و الحنان و الراحة النفسية و يصبح كل ما يتحدث عنه الأهل هو المذاكرة و الدروس
• أيضا عدم إشعار الولد (الشاب/الشابة) بأنه متفضل على الأهل بالدراسة و المذاكرة فأنا أعرف سيدة كانت تقبل يد ابنها ليذاكر و فسد هذا الشاب بعد ذلك ، بل يشعره الأهل بأن جراسته هي له و ليست للأهل
• اعتبار ان الدروس هي مكملة للعملية التعليمية و بالتلي فعلية الحضور للمدرسة و الانتظام و فهم المواد إضافة إلى التدرب على الامتحانات مع المدرس الخاص لأن الفهم يساعد جيدا في حل الأسئلة الغير نمطية والتي تعتمد على الذكاء و ليس الحفظ الغيبي ( للقسم العلمي و الرياضي)

2- من ناحية الحكومة و الوزارة

• تقوم الحكومة سنويا بإصدار قائمة بالوظائف المطلوبة خلال العام حتى يعلم الطلبة التوزيع العام للوظائف
• تدعم الحكومة بعض الكليات المطلوب خريجيها
• فتح كليات جديدة في المجالات المطلوبة في سوق العمل
• ربط الأعداد المقبولة في الكليات بالخطة الاستراتيجية للدولة
• تظرة الإعلام يجب أن تكون موضوعية و لا تنحاز للطلاب على حساب المنظومة التعليمية
• تقديم منح للطلبة المتميزين في الجامعات الخاصة لو لم يكن لهم مكان في الجامعات الحكومية


و أخيرا أقول رحمة الله على أبي الذي أخذني اليوم الذي سبق الثانوية العامة لكي ألعب تنس لكي امضي اليوم في النادي و أرفه عن نفسي حتى لا أدخل إلى الامتحان و أنا قلقة و رحمة الله على أمي التي كانت تقول
المهم تعمل إللي عليك ، مش مهم تنجح و في النهاية كنت السابعة على الثانوية العامة في ليبيا ( بلا دروس ) و عملت ما علي و نجحت

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ