الفصل الرابع عشر ، تبعات الزلزال


(14)
دخل " عماد" إلى  مكتبه و معه مجدي لأول مرة منذ عمل مجدي معه و ذلك أسعد مجدي كثيرا ، فهو الآن أصبح في درجة أعلى من مجرد سائق ، و مجيئة هنا يعني ثقة أعلى من عماد.
طلب  عماد من سكرتيره الخاص مقابلة سليم الشافعي ، نظر كل من عماد و مجدي إلى الباب بشغف انتظارا لقدومه .
لم يتأخر السكرتير و أدخل سليم الشافعي الشاب الطموح الذي طالما أراد أن يكون له أثر في الحياة دون الاعتماد على شهرة و لا ثروة والده  على الرغم من أن تلك الشهرة سهلت له التعامل بندية مع الصفوة و منهم عماد ، رئيس تحرير أفضل صحف مصر.
قال سليم بثقة :
"صباح الخير يا فندم ، أنا جئت في الموعد "
قام بتعريف مجدي للشاب بطريقة أسعدت مجدي جدا فقال :
" المتر مجدي ، مستشاري القانوني ، خير يا سليم ، أنا أريد أخبار نووية ، أخبارا مثل القنابل المحرمة دوليا"
قال سليم وهو مبتهج :
" كامل الشافعي يفكر في اعتزال الحياة السياسية  وأنت أول من يعلم".
اندهش عماد و قال :
" لماذا ؟ هل تعلم السبب ، فهو مخضرم و له باع سياسي طويل ، يجب أن يكون هناك سببا وجيها لذلك "
قال سليم :
" واحدة ، واحدة ، يا عماد بك ، فأنا لم أعلم السبب بعد و لكن علمت بهذه المفاجأة اليوم "
أجاب عماد بثقة :
" ثلاثون عاما سياسة تتطلب ثلاثون سببا إلى الاعتزال و لكن الموضوع لن يتم بهذه البساطة يا سليم ، فالزلزال له تبعات ".
نظر سليم لعماد بإعجاب شديد و قال :
" والله قال مثلها ، فهو لا يريد أن يعلنها لأنه يعلم أن هناك تبعات "
نظر عماد لمجدي و هز رأسه ليعده إلى المفاجأة التالية :
" وهل للوحة التي وصلت لوالدك دخلا في هذا القرار ".
أجاب سليم بثقة ثم تردد :
" بالطبع لا ، ماذا ، اللوحة ، كيف علمت بأننا لدينا لوحة جديدة ، هل تعلم مصدرها ، هل تعرف الفنان الذي رسمها ، و ما دخل اللوحة في الاعتزال".
ضحك عماد بخبث :
" لا تمارس علي الصحافة يا سليم ، اذهب فمارسها مع والدك فمن المتوقع أن يكون ذلك القرار محسوبا من قبل  و حدث ما عجله ، اذهب و ابدأ في تحرياتك ، تقصى حقيقة اللوحة ثم عد بالأخبار ، أنا لست نائما على أذني ".
أمسك سليم بهذه الكلمات و تذكر حال والده العجيب الليلة الماضية ، وقوفه أمام اللوحة و التمعن فيها طوال اليوم ، تذكر كيف يسرح بها بالساعات ، و توقع أن تكون للوحة شأن ما ، قال سليم وهو يأخذ أوراقه القليلة التي وضعها على المكتب أمامه :
" اعطني بعض الأيام فأنا في مارينا و لن استطع المجيء كل يوم "
قال عماد بثقة :
"خذ كل ما تريده من وقت و لكن لا تأتيني بلا خبر يهتز له القلم و إذا وفقت في هذا لك عندي من التحريات ما يشيب له الوليد ، أنا جاد فيما أقوله ، اثبت لي ولوطنك أن بلدك أهم من علاقتك الأسرية و أنك مجاهد في سبيل الله و الوطن ، و أن الشعارات التي يقولها والدك لا تنبع من فراغ "
خرج سليم من المكتب وهو مندهش مما قاله عماد فلوحة في منزل لا تستدعي ان يعلم بها صحفي ولكنه علم ان للوحة شأن يجب ان يعلمه فاسرع الخطى وكانه يريد ان يصل لمنزله في اسرع وقت
نظر مجدي لعماد مبتسما وهو يقول له :
" انا اتعلم ، انت معلم وانا تلميذ ، كيف استطعت ان تفاجأه هكذا ؟"
اجاب عماد:
" الاعلام يا متر الاعلام ، هذه لعبتي "

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ