الفصل التاسع ، انهيار جبل الجليد



(9)
 اجتمع أولاد كامل الشافعي حوله مداعبون و ضاحكون ، فهم في بساطة والدتهم أما هو فيبتسم بتحفظ شديد كما اعتاد لسنوات ، إن الصحافة الصفراء تعد عليه الابتسامات و الأحاديث وتضعه تحت المكبر لأنه أقدم  نائب برلمان .
لم يقلق الأولاد لاستدعاء والدهم لهم ، لكنهم لم يستحبوا أن يجمعهم صباحا في عطلتهم الصيفية .
نظر كامل لأولاده الذين ملئوا حياته بالسعادة ، فحياته السياسية لم تجعله  يستمتع بهم بالقدر الكاف ، بل إنه لم يلهوا معهم بقدر ما يلهو الآن مع حفيده الجديد الذي أعطاه كل الاهتمام و استعاض بحبه عن حب العالم كله ، فعلى قدر ما كان كامل عنيفا في البرلمان و قويا في مواقف حياته ، على قدر ما كان رقيقا مداعبا لحفيده الأول .
قال كامل إلى الأولاد :
" أنا أفكر أن أترك  السياسة يا أولاد ، فقد تعبت "
قفز الأولاد فرحا و قال صغيرهم الذي دخل كلية الإعلام في الجامعة الأمريكية :
" هذا أجمل خبر سمعته هذا العام ، أنا مستعد لهذا السبق الصحفي ، سأخبر الجريدة".
تدارك كامل بسرعة :
"انتظر يا سليم ، فأنا أريد أن أعلنها في الوقت المناسب ، يجب أن أدرس تبعات القرار ، فهو ليس قرار سهلا و يجب أن أمهد له ، فأنا أعرفك ، أنت مثل والدتك تتعجل كل شيء "
ضحك ابنه و هو يحضن والدته و يقول :
" وأنا أطُول ".
قال كامل :
"إذا أتوكل على الله "
داعبته زوجته قائلة :
" و أنا أستقيل من المنزل و أذهب إلى بيتي في الفلاحين ، أريد أن أشعر بطفولتي مرة أخرى بين الزراعية و البحر ".
قال سليم :
" هل هناك بحر في الريف يا أمي ، هو ترعة أو رياح و إلا  فالبحر الحقيقي هنا هو المحيط ".
كان سليم هو الوحيد ،  من أولاد كامل ،  القادر على مداعبة والديه ، خاصة و إنه الصغير الذي حصل على بعض الدلال من والدته و كان محط غيرة الأولاد كلهم .
انفض المجلس و ذهب سليم لحجرته و تردد قليلا ثم أمسك بالهاتف الخلوي واستدعى رقما من قائمته و انتظر الرد ثم هتف قائلا :
" أستاذ عماد ، عندي لك خبرا بمليون جنيه ، أنا أقسم لك إنك أول من سمعه وهو سيحدث ضجة في مصر كلها "
جاء صوت عماد متكاسلا  :
" من المتحدث "
قال سليم بتشوق :
" أنا سليم الشافعي ، المتدرب الحديث في الجريدة "
ابتسم عماد وقال له :
" حسنا أراك ظهرا في الجريدة و احضر الخبر مكتوبا و معه صورة "
قال سليم :
" بلا صور فهو من باب النميمة " 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ