الفصل الواحد و الثلاثون : قلب صغير شارد


(31)
أمسك " علي" بالهاتف وطلب رقم لم يكن مسجلا في هاتفه المحمول و قال:
" أنا على الطريق الزراعي ، اين انت ، لا تتأخر نحن في انتظارك ".
فالتفت ليرى سيارة ميكروباص بها بعض الشباب بالملابس البيضاء وكأنها مستشفى متنقلة ، كما رأى من يجلس بجوار السائق وعلم انه سعيد فلم يكن له فرصة لرؤيته من قبل.
كان علي في فترات من العمل لا يستطيع التفكير لانه من الذين يقف عقلهم عند المواقف الصعبة ويصبح مثل الثور الهائج لا يرى وتسمع منه الا زفيرا شديدا في كل حركة
كان علي يقف على ناصية الطريق الذي اختاره وحدده بدقة للقافلة الطبية التي ستجلب له هذه المرة الآلاف فهو سيعمل من الآن دون سيطرة حنفي ذلك الطبيب الزائف الذي طالما لعب به وسخره لمصلحته ولم ينل علي الا الفتات
قرر علي في ذلك اليوم انه سيعمل منفردا ولن يخبر حنفي بتلك الصفقة
أشار "علي" للسيارة فتوقفت بجواره و دخل في الكرسي الأمامي بعد أن التصق سعيد بالسائق ، نظر السائق ل"علي"
"فين القرية يا بيه "
طلب منه علي أن يدلف في أول تفريعة ممهدة ضيقة على يمين الطريق.
سار الميكروباص لساعات حتى وصل لقرية نائية حولها بعض المستنقعات من المياه الرشحة  و وقف السائق بجوار مسجد متهالك جدرانه مدهونة بألوان غير متناسقه وباهتة وكل ما بداخله لا يمت لبعض بأي صلة فقاطني تلك القرية ساعدوا في بناء هذا المسجد لكي يضمن كل منهم مكانه في الجنة ووضعوا فيها من منازلهم السجاد المستهلك والعديد من المصاحف .
أعلن "علي" من خلال ميكروفون وضعه فوق السيارة عن وصول التطعيمات الخاصة بالحملة الحكومية لرعاية الأطفال و طلب  من الأهالي الوقوف صفا لأخذ التطعيم و فتح أحدهم طاولة كانت مطوية ووضع عليها بعض الأوراق ، وقفت فتاة ترتدي الزي الأبيض للممرضات و معها بعض النقاط الخاصة بالتطعيم داخل زجاجة بلاستيكية و بعض الحقن الطبية .
قام البعض بتحليل دماء الأطفال خوفا من إصابتهم بأعراض جانبية من الأمصال وقام البعض الآخر بعمل اختبار حساسية حسب ادعائهم ، امتثل سكان القرية التي يعمل معظمها في مجال الصيد و مصدر رزقهم كله بحيرة صغيرة مليئة بالباعوض.
وقف سليم داخل السيارة و هو ينظر لعلي و كلاهما صامت حتى دخل أحد الشباب وقال لعلي :
" وجدناه – ستة سنوات و بحالة جيدة "
في أقل من ساعة كانت المهمة انتهت و سار الميكروباص عائدا في نفس الطريق الضيق حتى وصل للطريق الأساسي ، هبط "علي" من الميكروباص في نفس المكان و عاد السائق بالمجموعة الكاملة من حيث أتى .
أمسك علي الهاتف و تحدث فيه قائلا :
" وجدناه يا مهدي باشا ، و في انتظار أوامرك".
في نفس الوقت أمسك سعيد بالهاتف و أعطى "وجيدة" هانم التمام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ