الفصل الرابع و العشرين : المعرض الفاضح


(24)
  جلس الجميع في  المساء في منزل عماد و كانت أم محمد تقوم بخدمتهم وتحضر العشاء و المشروبات و ظلت تلمِّح بتعب ساقيها من كثرة العمل و مطالب الضيوف ولم تعرها صافيناز و لا عماد أي اهتمام فقد اعتادا على ذلك ويعلمون كيف ان مبلغا من المال مع هدية كافية عند ام محمد لأن تصلح السيقان والعقول.
علا صوت مازن وهو يقول :
" يلزمهم فرن ذري لهم جميعا لحرقهم ، أنا أقول الحقيقة "
قال عماد متضاحكا ليخفف من وطأة الحدث على شريف و مازن بعد أن جاء شريف مصابا اثر المشادة العنيفة و العراك مع فرحات  :
" هذا كله صنيعة الفضائيات ، ليس ذنب فرحات "
قال مجدي :
" المهم ، ما هي الخطوة التالية ، فالفرن الذري غير موجود و الحرق وارد في جهنم و لكن دعونا مما حدث اليوم ،  أنا أريد أن أعلم حقيقة ما حدث لشريف و لماذا تعرض لكل هذه المحاولات المشينة لتصفيته ، كل ما أعرفه أنك أنت من رشحت له هؤلاء الأشخاص"
قالها وهو ينظر لمازن :
" أنا قمت باختيار بعض من علامات المجتمع ، من منكم لا يعلم كامل الشافعي ، و لا مهدي صلاح الدين و لا حنفي عيسوي ، اعتقد أن مصر كلها تعرفهم ، و أنا قمت بإيصال اللوحات لهم ، هذا ما أراده شريف "
أكمل مجدي :
" ألا تعرفهم شخصيا إذا ".
قال مازن :
" أنا أعرف الكثير من الناس بحكم عملي في التجارة ، التسويق يقتضي أن  أصادق الجميع ، فكل منهم لي معهم ارتباطات و أعمال  ، أنا وكيل شركة أجهزة طبية تستخدم في عمليات القلب المفتوح و أنت تعلم أن حنفي لديه أكبر مستشفى للقلب فمستشفاه تأخذ مني العديد من الأجهزة و مستلزماتها الحديثة ، أيضا مصانع حنفي تعتمد على العديد من المكونات الطبية التي استوردها من الشرق ، أيضا أنا أورد المطهرات و الكثير من المواد المستخدمة في الفنادق الخاصة بمهدي صلاح الدين وكل من أتعامل معهم من الأجانب يقيمون لدى فنادقه  ، أما كامل الشافعي فهو من أعلام المجتمع و لا تفوتني مناسبة اجتماعية دون أن أراه و مجاملته تفتح لي أبواب كثيرة ، ومعرفته تسهل لي الكثير من المهاترات في الجمرك و خلافه ، فأنت تعلم أننا نعتمد على الواسطة في أعمالنا الحكومية ."
صمت مازن قليلا ثم قال :
" لقد اضطرت أمي لعمل زرع كلى ، بعد أن توقفت كليتاها عن العمل ، و كان حنفي و مساعده هما من ساعدوني في الحصول علي المتبرع المناسب وفي الوقت المناسب ".
سأل عماد مستخدما حسه صحفي :
" دعك من الذكريات المريرة و قل لي ، هل يعلمون أن شريف الفنان هو صديقك ؟".
قال مازن لشريف مؤكدا :
" أنا لم أتبرع بهذه المعلومة ، بل لم أعطهم لوحاتك بنفسي ، أنا أردت أن أؤكد لك مدى رقي فنك ولذلك لم أرد أن أكون واسطة بينك و بينهم "
ابتسم شريف ساخرا وقال لمازن :
" لعل ذلك لم يكن في صالحي ، فالدنيا كلها واسطة ، فلو علم أي منهم أني صديقك لما حاولي قتلي ،  هل يمكنك أن تتحدث معهم لتعرف منهم سبب تحاملهم علي ورغبتهم في قتلي"
قام مجدي منتفضا من كرسيه :
" لا ، لا تتحدث معهم و لا تقل لهم شيء ، فلا أحد منهم يعلم أن شريف على قيد الحياة ، نحن سنقوم بالإعلان عن المعرض الذي يضم لوحاته في الوقت المناسب وسننتظر ردود أفعالهم "
لم يستطع عماد ان يخفي تثاؤبه واكمل وهو ينظر للجميع وسأل بخبث :
"هل سيقوم شريف برسم شخصيات أخرى للمعرض يا مازن ؟ "
أجاب مازن :
ممكن أن يقوم برسم لوحات أخرى و هناك لوحة واحدة تضم بعض الشخصيات الأخرى ، سأحضر لشريف الصور و نتفق غدا إن شاء الله ".
قال عماد لمازن :
أنا أريد أن نجلس جلسة عمل و تكون فرصة لكي أعرف منك بعض تفاصيل أصدقاءك ، فأنا مهتم جدا بأن يقوم المعرض بفائدة للمجتمع كله ، الرسالة التي بدأتها يجب أن انهيها.
ابتسم مازن و هز رأسه وهو ينظر لعماد فهو يعلم أن عماد شخصية مخضرمة و تعلم الكثير و في نفس الوقت حدق مجدي في وجه مازن و تمنى أن يعرف ما يدور في ذهنه و انتهت الجلسة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ