الفصل الثلاثون : المفسدون في الارض


30)
وصل " سليم" ابن كامل السياسي المرموق إلى منزل عماد  الصحفي المشهور بالنزاهة و صاحب أشرف جريدة في البلاد فوجد مجدي المحامي العنيد صاحب الأصول بجواره في مكتبه الخاص في فيلا عماد ، فهو لا يعلم إلى الآن أن مجدي كان و مازال سائقة الخاص .
طلب سليم مقابلة خاصة مع عماد لأن ما يريد أن يتحدث به لا يجب ان يعلم به احد وانه سري للغاية .
طمأن عماد الشاب لأن مجدي هو مساعده الخاص و مستشاره القانوني و طلب منه الإفصاح عما علم من أخبار .
ما أن اطمأن لوجوده مجدي الا ان القى سليم بجسده على كنبة بجوار المكتب ولم يفصح مباشرة عما اتي لمناقشته ولكنه ظل دقائق الى ان استجمع شجاعته و قال :
" لقد أفسدوا والدي ، والله أفسدوه ، إنه متواطئ مع بائع أسلحة ، أنا سمعت مقابلتهم في بورتو مارينا أمس و جئت مسرعا لأوقف هذه المهزلة ، لا يريدون لأبي أن يترك السياسة.
تدافعت الجمل و أصابه ذعر شديد مما جعل صدره يصعد و يهبط سريعا مما أفزع مجدي فقام ليحضر له ماء وأكمل سليم بسرعة لأن الشر والفساد وشعوره بان  والده مشترك في صفقات حرام يحيكان في صدره ويقبضان ضلوعه على رئته و لا يستطيع أن يكتم مشاعره أكثر من ذلك فقال :
"إن أبي لم يكن كذلك .. لم يكن منهم ، لم يكن يبحث عن المال الحرام في انتهاجه للسياسة و لكن أمثال أبا كفاح هم من يدفعون بأمثال أبي إلى الحفر و المستنقعات ، أنا أخذت فيلما بكاميرا المحمول لهما ساعة الاتفاق و لكن أعتقد أن الصوت غير واضح ".
دخل مجدي مسرعا لكي يكمل الاعتراف كاملا ولم يخرجه من الحجرة الا خوفه على هذا الشاب واقترب فأعطى سليم الماء واخذها سليم ويداه ترتعشان
صمت لأنه شعر بعمق المصيبة التي يتحدث عنها سليم ، فهو مصاب في والده ، و يا لها من مصيبة ، فالألم ضعفين ولكن شتان بين مصيبة و كارثة تمس الشرف.
نظر عماد بثقة الى سليم وتحدث معه كانه يتحدث مع صحفي تحت التمرين و قال :
"المقابلة لا تكفي للإدانة يا سليم ، و الفيلم لا يعتد به ، يجب أن نجد أوراقا أو مراسلات وما شابه ذلك "
صمت سليم وافاق من الصدمة وقال بطريقة محترفة :
" بالتأكيد انا ابحث الآن عن المراسلات واتمنى ألا يشعر والدي بذلك ولكن هل في هذه الحالة يكون والدي شاهد ملك لو ارسلنا تلك المراسلات للنيابة او ما شابه
اجاب عماد بسرعة :
نحن لن نفتح تحقيقا يا سليم انت تعرفنا على نشاط شبكات معينة في بلدنا الحبيب وكما قلت نحن نريد ان نضع يدنا على المفسدين ولا نريد ان نشهر باحد فنحن لن نتحدث عن والدك في تحقيقاتنا
 ونظر للنافذة وقال :
" كم أكره القاهرة إنها أفسدت حياتي  و حياة والدي ، إن أبي وطني على الرغم من غياب تلك الكلمة عن الساحة "
 لم يكن سليم معتادا على أن يكون والده في الجانب الآخر من المعادلة ، فهو دائما وأبدا يشعر بقوة والده و نصرته للحق ، تردد قليلا قبل أن يعلق :
" أنا معتاد أن أبي دائما في نصرة الحق"
أجاب مجدي بسخرية :
" في نصرة الحكومة يا سليم ،
ثم شدد على الكلمة :
"الحكومة ، يجب أن تراعي الفرق "
وقف سليم منتصبا و تردد قبل أن يستأذن و خرج ثم ارتد عائدا و هو يقول:
" اللوحة بها أبي يحمل سلاحا في معركة ، لعلها أثارته فعلا ، أنا سأحاول أن أحصل على ما يثبت لي ما رأيته أمس ".
وبيده اجلس عماد سليم على كرسي امامه ولم يرد ان يذهب هذا الابن البار دون ان يتحدث عما سمعه في المقابلة مع ابو كفاح

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ