الحمد لله ان حسني كبر دماغه


ذكرياتي 85
الثورات شيء جميل والحروب شيء مفزع وانا كنت في طفولتي مامتي تحب تحكيلنا على الحرب العالمية الثانية وازاي الناس كانت في الغارات تقفل النور والالمان كانوا بيبعتوا طيارات ترمي قناديل منورة علشان تعرف تضرب فين وكنت بالاقي قدام العمارات مبني حيطة طوب احمر علشان الشظايا والزجاج في كل المباني الحكومية لونة ازرق غامق وساعات عليه ورق وكانت بتقولنا ان النور ولو شمعة ممكن يبان للطيارات في السما
كل ده اسمعه وانا باتخيل الطيارات وصوتها واللي بيسوقها وهو بيكلم زميله بالالماني بطريقة الافلام يعني ممكن انا افهمه
وكنت في طرابلس ايام الحرب 67 واختي كانت في مصر لوحدها وبابايا اكيد يبخاف عليها ولذلك كان اعصابه تعبانه طول الوقت وكان التليفونات علشان تكلم مصر من ليبيا تقف في طابور طويل مع المصريين كلهم على ما ييجي دورك وده ساعات طويلة لان الكلام كله في البريد في كباين التليفونات
وعلشان تتكلم تقفل عليك كابينة التليفون وتتكلم ووشك يزرق على ما تقول كلمتين ونفسك يتقطع علشان لازم تعلي صوتك وقال ايه الموبايلات اتقطعت يومين الناس هاجت وماجت وعملت فيلم هندي والريس القديم بتاعنا كان من زمن كباين التليفون الخشب
في يوم 11 مش شهر يونيو لقينا اختي جت في طيارة عرفت توصل لها ووصلت عندنا وكلنا فرحنا وقعدنا نسمعها وهي بتتكلم على الحرب والدفاع الحربي وانها ضربت نار وانها قعدت مع خالتي وكانت ايام كلها اكشن وانا طبعا بما اني باتفرج على جيمس بوند فطبعا المواضيع دي تفرق معايا لان باحط نفسي في الجبهة مع العساكر
لكن الهزيمة تقيلة قوي قوي قوي ولما نعرف بعد كام يوم ان الطيارات اللي عمالة تقع من الاسرائيلين واعدهم وصلوا لمية وتمانين واكتشف اكبر كذبة تمت في التاريخ وتقع منها على جدور رقبتك
وييجي عبد الناصر يتنحى وطرابلس كانت فاضية لان كل الناس قاعدة في بيتها بتسمع الراديو لان مفيش على ايامنا لا الجزيرة ولا العربية ولا غيرها
وعبد الناصر بيتنحى ولما خلص الخطبة بتاعته لقيت بابايا اللي يطيق العمى ولا يطيق عبد الناصر لانه السبب في انه ساب بلده وهرب لانه راجل بيصلي في الجامع ولانه بيعرف ربنا
لقيت بابايا قام وقال خسرنا البطل ، خسرنا البطل
ايه موضوع البطل ده مش هو ده عبد الناصر اللي وقع مصر في حرب اليمن بدون داعي
مش هو ده عبد الناصر اللي بيعذب الاخوان ويسيحهم في البانيو بالحمض
مش هو ده عبد الناصر اللي بيضحك عليه من اللي حواليه وبيتعمل له مباني في بدايات المدن علشان يحس ان فيه مشاريع اسكانية للناس
مش هو ده عبد الناصر اللي رجالته بيتجسسوا على بعض في حجرات النوم وبيعملوا كل الرذائل مع الفنانات و غيرهم
مش هو ده عبد الناصر اللي اتهزم والجيش بتاعه انسحب في اقل من عشر ايام
ازاي يبقى بطل في ثانية بعد ما كان واحد بيغرق البلد
وده كان اول درس اخذته في الحياة السياسية ان الخطب بتعمل ابطال او بتعمل خونه
وان واحد زي عبد الناصر خرب الدنيا واتكلم كلمتين حلوين الناس غفرتله كل البلاوي اللي بيعملها
ولما كبرت عرفت ان الاعتراف بالخطأ هو اول سبل التصالح ولانه اعترف بخطأه الناس سامحته والتاريخ اعتبرها ذله وفي الواقع هي مصيبة كبيرة عشت فيها وانا صغيرة و هزت قيم كتيرة جدا في حياتي
الناس اللي بتتعذب علشان بتعرف ربنا
والناس اللي بتترمي ورا الشمس علشان قالت كلمة حق
والناس اللي في المعتقلات بدون سبب وعملوا عليها فيلم احنا بتوع الاتوبيس اللي دخلوا القسم ساعة ما كان فيه ناس سياسيين مقبوض عليهم
الثورة يا جماعة اللي قام بيها ناس احرار
ماشافوش ذل يوم
عاشوا في زمن حسني اللي كان مركز فيه على نفسه ازاي يلم فلوس ونسى شعبه
عاشوا في زمن ممكن يتكلم ومحدش يسمعه مش زي عبد الناصر يتكلم كل الناس تسمعه ويتحط في السجن على طول
حسني الحسنة الوحيدة اللي عملها انه كبر دماغه من الشباب و اعتبر ان ابنه مفجر الثورة الشبابية هو الامل وخلى الشباب تتربى على الحرية و الكرامة بعيد عنه 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ