قصة يوم الخميس الفصل الثالث عشر

الفصل الثالث عشر
دخلت فاطمة هانم حجرتها لتستعد لليوم الحافل فهذا اليوم سيعرفون من هي فاطمة هانم فوضعت الهاتف المحمول في الشاحن لتستكمل المكالمات
انها كانت طوال حياتها تجمع المعارف والاصدقاء جمعا كما يجمع البعض الطوابع البريدية او غيرها من المقتنيات ، فهي دائما ما تقول الحياة وسائط ويجب ان تجمع في ظهرك كل من يساندك في الحياة
لم تكن تنظر للدين نظرة الباحث عن الحقيقة ولكنها كانت تضع الدين موضع الواثق من رأيه والعالم بالأمور حتى انها كانت تتحدث بان كل وقت وله آذان وان الصلاة كانت ايام الرسول وليس هذا وقتها وكلمات لو سمعها احد المتدينين لاعتبرها تكفر بالله ولقال لها الصلاة عماد الدين ومن تركها ترك الدين ولكنها كانت تدلي بتلك الاراء امام الكثير من الغافلين عن ذكر الله والمبتلين بالبعد عن الله في اغلب اوقاتهم ولذلك لم يجادلها احد في وجوب الصلاة من عدمه ، وكان زوجها يعتبرها ناقصة عقل ودين ولم يردها في ذلك وكانت تعتبر ذلك بمثابة شهادة اثبات لأرائها الغريبة
كانت فاطمة هانم او فطومة كما اعتادت ان تناديها والدتها المتواضعة في هيئتها وهي لم يعجبها هذا الدلال وكانت تسمى نفسها توتي فهي كانت جميلة الشكل في الصغر ولكنها كانت من الفروع الفقيرة في العائلات الكبيرة ولذلك فقد كانت ترى العديد من الاقارب الاغنياء يمرون عليهم في منزلهم ليساعدون الاب في حياته وتنظر اليهم نظرة الملهوف على المال لأن من سماتها الأنانية وحب الذات المطلقة ولذلك كانت تشعر بأنه ليس عدلا ان تكون هي فقيرة وقريباتها اللاتي اقل منها جمالا هن اصحاب المال  ولذلك كانت تتملقهن لتتعلم منهن اصول اللياقة وتتواصل مع المجتمع الراقي اللائي ينتمين له وتكون علاقاتها معهم لعلها تأخذ الاعين بعيدا عنهن
تمكنت توتي من الحصول على العريس المناسب قبل كل فتيات العائلة بعد ان رآها في مناسبة عائلية وهي تسير كالطاووس بجواره وتلقي ببعض التحيات الاجنبية كما اعتادت ان تسمعها ولانه محب للتفاخر فقرر ان يتزوج اجملهن فتغاضى عن الشخصية المريضة واصبح يتجنب الحديث معها ومناقشتها وبالأخص في المواضيع الثقافية التي تظهر جهلها البين وظلت توتي ترفض اسم فاطمة الى ان بدأت الاسر في تسمية بناتها باسماء قديمة اظهرت توتي اسم فاطمة مرة اخرى واضافة كلمة هانم كصفة تعطيها الهيئة القديمة لأولاد البشوات  ولذلك اصبحت فاطمة هانم مرة اخرى
تغير سلوك فاطمة هانم من التحدث في مواضيع كثيرة ليست على دراية بها الى ان تبحث عما تنتقده وعمن توجه له سهام انتقادتها اللاذعة لكيلا تعطي لأحد الفرصة لينتقدها واخذت بمبدأ خير وسائل الدفاع هو الهجوم واصبحت ما هي عليه
انجبت البنات وتعلمن منها الأنانية حتى انهن تركن البلد بحثا عن راحة في بلاد اخرى وهي اعجبت بتلك النقلة لانها ستمضي اجزاء من السنة في زيارتهما والتعرف على ثقافات بلاد اخرى ولكن في كل مرة تزور احدى بناتها تنتهي بان يطلب زوج الابنة منها بأدب أن تنهي زيارة والدتها واحيانا تصل الى المشادات بين ابنتها وزوجها
لم تكن تعلم فاطمة هانم حدود العلاقات وهي لم تتربى على ذلك في بيتها وكل ما اخذته من اساليب الرقي لم تكن تنبع من داخلها ولذلك فأبسط قواعد اللياقة لا تجد لديها صدى داخلها وكلما زادت ثروتها زادت عنجهيتها ورغبتها في السيطرة وكانت اصعب الايام هي اواخر ايام زوجها قبل وفاته حين وصل لأعلى مراتب الدولة وكانت محط اهتمام الصحافة والإعلام ووجوده قريبا من السلطة اعطاها العديد من السبل للوصول الى مطبخ الاعلام الذي يبدأ منه كل الأخبار ولم تكن تتورع عن ارسال بعض الأشاعات عن هذا وذاك ولم يؤنبها ضميرها يوما على ما تفعل ، بل كانت تعتبره ذكاءا ودهاءا تحمد عليهما
قامت باختيار احدى افضل اطقمها وقامت بعمل اللازم من الماكياج ووضعت لمسات نهائية من احمر الشفاة وامسكت بالفرشاة وهي تدندن وحينها سمعت طرقات على الباب ففتحت لتجد نازلي امامها وعيناها تتمتلئان غضبا جارما ودخلت بلا استئذان واقفلت الباب خلفها ونظرت لفاطمة هانم بكل التحدي
لم تهتز فاطمة هانم فهي حصلت في حياتها على كل شيء لجرأتها الشديدة وقالت لنازلي بشدة
ماذا هناك ماذا تفعلين في غرفتي انا لم ادعكي لها
نظرت نازلي لآثار الماكياج وشعرت برغبة شديدة لان تلطم تلك السيدة الوقحة ولكنها تماسكت وقالت لها :
هل اخبرتي احد من الصحفيين يا فاطمة
اجابت
فاطمة هانم يا نازلي ثم انا حرة اتحدث لمن اريد وقتما اريد انت لست برقيب علي
نظرت نازلي لها وهي تشد على الكلمات
انت لست مخولة لان تتحدثي عن المكان ولا عن السيدات والوسائل التي تقومين بها لاثبات ذاتك لا يجب ان تطول الاخريات وانا اقول لك انك لم تبتعدي عن وسائل التشهير التي تقومين بها سأقف لك وقفة رجل لم تريها من قبل
ضحكت فاطمة ملء فمها وهي تقول
تشهير ما الذي تقولينه من اخبرك بالاكاذيب تلك ، اي تشهير وعن اي موضوع تتحدثين
اجابت نازلي
تحدث الي الآن الاستاذ مصطفى ابو المعاطي ليسألني عن السيدة التي قتلت نتيجة سرقتها لأموال اولادها وانه سمع هذا من صحفي اخبره بان له اناس يخبرونه من داخل الدار
الست انت من قالت له هذا
اي سرقة تتحدثين عنها يا امرأة
نظرت فاطمة ببرود شديد وهي تقول
لست انا من قال ارجعي لمصطفى صديقك او قد يكون حبيبك وهو يخبرك بمن هو الذي بالداخل يا دكتورة
هاهاها
قام نازلي بالالتفاف والخروج بهدوء من امام فاطمة ولم تزد كلمة واحدة
خرجت وقد تحول وجهها الى اللون القاني لما عاصرته داخل غرفة فاطمة ومنعت دموعها من ان تسقط ولكنها قالت لنفسها
تلك المرأة يجب ان تداس بالاقدام ، انا لا اصدق ما سمعته منها ، انها قذرة

وظلت فاطمة هانم تكمل ماكياجها وابتسامة خبيثة على وجهها وهي تدندن 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ