قصة يوم الخميس - الفصل التاسع - لحم الاكتاف

الفصل التاسع ، لحم الاكتاف
جلس عويس في حجرة الكانتين مع زهرة وهي تعد الشاي لمديرة الدار وتمسح الصينية قبل وضع الفناجين عليها وهزأ من اهتمامها وهو يقول
فنجان وطبق وفوطة صفراء وفوطة حمراء ما هذا الذي تفعلنه تلك السيدات ، انهن قدم في الدنيا وقدم في القبر ، ما هي اطماحهم بعد هذا العمر
ردت زهرة وهي لا تنظر اليه فهو انسان لزج وصولي ، جشع لا يملأ عينه سوى التراب
مالك ومال السيدات ، انت خير اكتافك من سيدات هذا الدار وبالأخص السنوات القليلة الماضية
الا ترى انهن كريمات معك انت بالذات فانهن يعطينك اكثر مما تستحق فدعهم وما يفعلونه
ضحك عويس وهو يقول
غردي ولكن لا أحد يسمعك ولن تصلي لما وصلت اليه من محبتهن لي
قالت زهرة وهي تنظر اليه نظرة كلها تحد
يحببنك يا عويس
هزت رأسها واكملت ما تفعل فقال لها
خذي راحتك في الكلام انت تكرهينهم كما اكرههم فهن متصابيات  ،
ردت زهرة
لا انهن راقيات وهذا اسلوبهن الا تعرف ان بنات العائلات لهن طريقة في المعيشة مختلفة عن عيشتك في الحارة يا عويس
رد عويس
فشر
انا لست في حارة انا الآن اسكن في شقة تمليك في عمارة اثنتاعشرة دورا وبها مصعد
قالت زهرة
من اموال السيدات يا عويس ـ من اموالهن يا ناكر الجميل
قام عويس بتقليدها بلا صوت وهي لا تراه ، ثم اكمل
هل رأيت زينب تلك الشمطاء ، وجدت معها زجاجة من المقويات التي تأخذها لكي تظل بصحتها ، انها متمسكة بالدنيا بطريقة عجيبة
ردت زهرة بعد ان وضعت السكرية وقامت برص الملاعق وهي تخرج من الحجرة مسرعة فهي لن تحتمله اكثر من هذا وامسكت بالصينية وذهبت للباب وهي تقول
اعتقد انك انت المتمسك بالدنيا وربنا يستر على آخرتك
ضحك عويس حتى ظهرت نواجذه وأوضحت الضحكة صفرة الدخان على اسنانه وحشرجه صوته من كثرة شرب الشيشة وحين ضحك ظهر المختبئ من حشوات الضروس وامتلأت الغرفة برائحة التبغ التي ملأت صدره حتى اهترئ
قام عويس بعد ان خرجت الفتاة في طريقها لمديرة الدار وفتح دولاب الاكواب ومد يده للخلف واخرج ملفا منثنيا في الخلف وراء ظهر الدولاب الخاص بالاكواب والفناجين وادخل بها عدة ورقات من فئة المائتين  واعادها الى ما كانت عليه في مكان لا يراه الا من وضعها به في فتحة بين الحائط والدولاب واغلق الدولاب وخرج من الحجرة وهو يضع يد في جيب والاخرى تحمل لفافة التبغ من افخر الانواع ونظر ناحية الحجرات وهو يقول ، لحم كتافي من خيري يا بنية فانا الذي اخدم واشتري من حقي ان اخذ كما يأخذون
وظل يصفر ويدندن وهو يسير في الممر بين الاجنحة الفاخرة التي اعدت لبنات العائلات ويغني اغاني هابطة وفي النهاية وجد زينب وصفية آتيتان الى ناحية مديرة الدار فقال بصوت هامس لا يسمعه احد وهو ينظر الى زينب ويقول مثل كلمات الاغنية

" هاتي بوسة يابت "

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ