قصة يوم الخميس الفصل السادس ليتها انا

الفصل السادس
سارت نجية وهي تتمتم
ماذا تظن انها فاعلة ، انا اتعجب من السيدات اللائي يردن السيطرة  بأي ثمن فالوقت لا يسمح بهذا
مسكت نازلي يدها واوقفتها قائلة
لا تنزعجي لكل منا رد فعل في المواقف الصعبة وهناك ما لاتريد ان يسيطر الموقف عليها دعك منها واهدأي ولا تجعلي الاحداث تدفعك الى ان تخرجي من هدوءك واشربي بعض الاعشاب المهدئة واتمنى من الله ان تظهر الحقيقة سريعا وان كنت اشك ان هناك اي نية للقتل وانها ليست اكثر من حادثة
خرجت نازلي متجهة الى حجرة كرم لترى تطور الاحداث وتركت نجية وهي تبحث عن ملابس مريحة استعدادا للراحة ، ان نجية لا تنسى شكلها وهيئتها وكلمتها المأثورة  ان لكل مقام مقال فالنوم له ملابسه والصبح له ملابسه وحتى ان خلال فترة اقامتها في الدار لم ير احد من اصدقاءها ملابس النوم فهي تحب الخصوصية التي داومت عليها طوال حياتها  وما ساعدها على الاحتفاظ بالخصوصية انها لم تنجب وبالتالي كانت تستطيع ان تضع حدودا لكل من حولها ولم تحظ بلحظات الفوضى التي يقوم بها الاطفال في المنزل
نجية سيدة محترمة بمعنى الكلمة ، تلك الجملة تقال دائما عنها في كل المحافل وكل المناسبات وهي مرت بالعديد منها لأن زوجها الراحل كان رجل الاعمال المشهور سعد البنا صاحب مصنع الشكولاتة الذي كان يتباهى بزوجته  في كل الحفلات ويشتري لها الغالي والثمين من كل شيء واكثر شيء كان يسعده ان يراها مثل الطاووس في الحفلة بجواره ولا يصدق احدا انها لا تعمل في المجال الاعلامي ولا الفني فشعرها وماكياجها وملابسها تدل على العناية الشديدة والشياكة المكلفة
سنوات الحب المتبادل بينها وبين زوجها وسفرهم الى انحاء العالم واستمتاعهم بالثقافات المختلفة لم يزدها الا ثقافة فقط لانها كانت معتدة بنفسها جدا ولم يكن زوجها يشعر ان ما يفعله معها يجعلها تحبه اكثر فكبرياءها اعظم من ان يهتز برحلة تتكلف الاف من الدولارات وكانت في كل يوم تذكره انها مستعدة ان تتخلى عما تمتلك من ذهب وماس اذا ما احتاجهم وكان هو يؤكد لها انها بالنسبة له مال الدنيا
لبست نجية قميص مطرز بالوان جميلة وكان من انقى انواع الحرير الطبيعي  و جلست على السرير المغطى بالقطن المصري المباع في امريكا لانه هناك له القيمة المبالغة التي تشعرها بالتميز لانها اشترته من اغلى المحلات في نيويورك ووضعت رأسها بين الوسادة واسقطت كل الدموع لتغسل الذكريات المؤلمة
كل من رآها من عدة عقود تمنى ان يسير في دربها ولا يعلم الاسى الذي كانت تشعر به حين كانت تجلس كل يوم تنتظر زوجها وتعد الساعات ولم تكن تريد ان تفتح لنفسها مجالا خاصا يخرجها من الوحدة لانها تعشق زوجها وتعتبر ان عودته الى المنزل في غيابها وكأنها شهادة رسوب في الزواج المثالي الذي حلمت به منذ طفولتها
لكن زوجها  وكل حياتها كان يعود من العمل منهكا لا يستطيع ان يتحدث وكل ما يريده هو ان يأخذ كأسا من افخر الخمور لكي يستطيع ان ينسى الصفقات والاموال التي اذا لم تسدد تنتهي مصداقيته لدى البنوك والعملاء وغيرها من المشاكل التي يواجهها رجل الاعمال وتلك الكأس تحوله من الاسد المغوار في المصنع والميناء وكل الاماكن التي يحتك فيها بالآخرين الى قط وديع يجلس بجوارها ويضع رأسه عليها ويضحك من قلبه لكل كلمة تقولها له وهي لم تشتك مما يفعل على الرغم من تدينها وعائلتها التي لم تدخل بيتها اي مسكرات
كانت تكره رائحة الخمر وتستاء من وجود الزجاجات في المنزل وتخاف من اللعنة التي يمكن ان تحل عليهم بسبب تلك الخمور ولكن كونها عقيم كان يجعلها تبتلع انتقاداتها ورأيها فهي تهاب لحظة المواجهة العنيفة حين تتراءى لها كلمات حماتها واهل زوجها انها بالنسبة له ورقة يمكن ان يمزقها حين يريد
اكملت البكاء ثم قامت ففتحت النافذة واشعلت لفافة تبغ وظلت تمتص الدخان وتخرجه ومع كل سحابة تخرج بعض الآلام
سمعت بجوار النافذة بكاءا آت من الحجرة المجاورة مع اصوات دق شديد ، وقف تفكيرها في انها ترتدي ملابس النوم ولا تستطيع الخروج الا بعد ان ترتدي ما يناسب الخروج ، فترددت ثم سمعت صوت نازلي يتحدث مع نادية جارتها في الحجرة وهي تحاول تهدئتها فتوقفت عن القلق واكملت لفافة التبغ بهدوء وهي تقول في همس
ليتها كانت انا 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ