قصة يوم الخميس الفصل الثاني عشر

الفصل الثاني عشر
ظلت صفية تجمع ملابسها من الدولاب وتضعها في شنطة السفر الثمينة التي اشترتها من عدة اعوام من احدى صديقاتها في يوم من الايام التي تطلق عليها اوبن داي او اليوم المفتوح الذي اعتادت السيدات ان يقمن به لتستفيد السيدة من سفرها في الخارج بان تحضر بعض الاشياء التي يمكن ان تبيعها بهامش ربح يعتمد على نوعية السيدات اللائي يحضرن اليوم وتنتهي بان تستعيد تذكرة سفرها واقامتها واحيانا تكسب اكثر من ذلك بكثير اذا استطاعت ان توهم الحاضرات بان تلك البضاعة اتت من افضل الاماكن واغلى الاسعار واستطاعت ان تستفيد من رغبتهن في التباهي واظهار الاموال الطائلة التي يكسبها ازواجهن وتتعمد البعض ان تشتري دون ان تناقش وتدفع الآلاف وهي تعلم انها ستكون حديث اليوم وكل يوم
وضعت ملابسها في الشنطة واضافت الكريمات التي تساعدها على ابقاء نظارة وجهها امام اصهارها فهن قمن بعمل عمليات تجميل مختلفة وهي اكتفت بالكريمات المقاومة للسن
اخذت تبحث عن الحذاء التي اتت به وهو من الاحذية ذات السمعة العالية لانه من اغلى محلات باريس وهي قامت بعمل جمعية لجمع ثمنه استغرقت منها عدة شهور ولم تجد الحذاء
قامت بعد ان جلست القرفصاء لتبحث عنه تحت المخدع وتحت الدولاب وحين تأكدت من عدم وجوده خرجت عن كل قواعد اللياقة التي كانت تحتفظ بها امام السيدات وهي تصرخ
حاخرب بيوتكم كلكم اذا لم اجد حذائي يا ولاد .....
واستمرت تسب وتسب ويعلوا صوتها
جاءت مشرفة الدور ودخلت لتسألها ما بها فقامت من الارض وهي تكمل السباب
حذائي لا اجده اين هو يا ولاد .... انا اعيش وسط لصوص يا ....
وسعت حدقتي المشرفة لانها كانت تسمع سبابا لم تعتاد عليه في طرقات هذا الدار التي صرف عليها صاحبها الآلاف المؤلفة من سنوات عديدة وتعمد اهله بعد وفاته الا يقبلوا بأي من المتقدمين لانهم كانوا يريدونها كما الفنادق المعتمدة في الخارج
احضرت لصفية كوب من الماء وقالت لها اي حذاء تقصدين
قالت لها الحذاء الاسود الذي به جزء رخامي اللون وتوكة والكعب ثلاث سنتيمترات اين هو
نظرت المشرفة ناحية الشرفة فوجدت حذاءا يشبه ما قالت عنه فقالت لها هذا الحذاء
نظرت صفية فوجدت الحذاء الشبيه به فهي دائما ما تشتري الأصل والصورة لكي تلبس الاصل عند ما يفهم الاصل وتلبس الصورة دائما فكأنها دائما ما تلبس الثمين من الملابس
قالت لها مثله تماما انا لدي اثنان من نفس الموديل
ونزلت مرة اخرى صفية تحبوا في الحجرة هنا وهناك
طلبت منها المشرفة مهلة لتعرف من المسئولة عن النظافة لتسألها فنظرت لها صفية وهي تقول
خير لها ان تحضرها انا اليوم لا استطيع ان اكتم غضبي وسيكون يوما اسود لمن يعارضني
خرجت المشرفة من حجرة صفية وهي تتعجب على سيدة ماتت زميلتها بل يقال انها قتلت وهي لا يهمها الى حذاء لا تراه بجوارها  وفي نفس الوقت قررت صفية ان تصلي لعلها تهدأ قليلا فهي من القلائل الذين ينتظمون على الصلاة وعلى السباحة بالبكيني
هي امرأة دائما ما كانت تصف نفسها بانها منفصمة شخصيا ، وان عليها ان تتعالج من هذا الانفصام بين ادائها العبادات كلها بما فيها السنن التي لم يحافظ عليها زوجها قبل وفاته ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع ان تتغلب على ضعفها امام الاخريات
انها فاقدة للثقة بنفسها بكل الكلمة من معنى  وتبحث عن الرضاء في اعين الغير وتريد ان تسمع مديحا واحدا يصفها امام الجميع ولا تجد من يريحها ، حتى زوجها كان يعارضها ويعاندها ويقف امام رغباتها لعلمه ان رغباتها المحمومة لا تهدأ امام الاخريات
كانت اسرتها عريقة بمعنى الكلمة فكم من اماكن سميت باسماء اهلها وكم من مساجد اقامها جدودها ولكن كل هذا في الماضي وعائلة والدها تفتت وعائلة والدتها المتماسكة هي سبب تعاستها فهم يتميزون بالجمال الصارخ والذي يتحدث عنه الناس
بل يصفون الجمال بانها تشبه عائلة والدتها وهي سمراء ذات حدبة بسيطة في الظهر وشعر مجعد وكلما نظرت الى المرآة لم تجد سوى سيدة قبيحة الشكل على الرغم من انها ليست كما تدعي على نفسها فهي طيبة القلب ولكن سلط ابليس عليها سوط التباهي والرغبة في التميز فلم يتركها منذ بلغت الى الآن ووجدها دمية يمكنه ان يلهو بها وكلما نظرت الى المرآة خيل اليها انها تنظر الى نسخة شيطانية منها وكل هذا تحول الى رغبة في الاقتناء والتباهي بأي شيء يمكنها شراءه ولذلك فانها كانت تدعي انها تمارس رياضة التزحلق في سويسرا وانها يجب ان تعيش بين الثلوج في تلك الفترة من العام وذلك لكي تبعد عن كل عائلتها الجميلة الملونة وتخالط سيدات من عمرها الى ان تعود
لم تكن تعلم ان كل وسائلها التي استخدمتها لتتميز عليهم لم تكن تجدي فقريباتها لديهم الغرور الكافي لان يعتبرنها غير موجودة في حياتهن بل ويتعمدن ان يأتين بها في مصايفهن لكي يعلقن على ما ترتدي وما تقول ويسخرون امامها من اشياء تقوم بها ليجعلنها دائما في رغبة محمومة للتميز والوصول لهن
تزوج ابنها من فتاة غنية رغم انه كان يمتلك بعض الثروة من والده الا انها اصرت ان يناسب عائلة لها اسم بين العائلات وتلك العائلة تناسب السلطة ولديها من المصانع والاملاك ما يجعلها من الاسر ذات المطامع لكي تكثر من اموالها ولكنها استطاعت ان تصل الي تلك الفتاة التي تزوجها ابنها وعلمت انها كانت متزوجة من شاب شاذ في تصرفاته وعلاقاته وحياته وانها تركته بعد عدة سنوات وعدة وسائل قانونية ولم يتركها الا بالاتفاق بين الاسر وبالتالي اراد والدها ان تتزوج رجلا وليس مالا فاعطاها لهذا الشاب لعله يحافظ عليها ولم يناقش في مستوى الاسرة اذا ما كان في نفس مستواها ام لا وظلت الام تتباهى بتلك الاسرة امام عائلة والدتها وتتباهى باسرة والدتها امام اصهارها وعاشت كذبة كبيرة طوال العام
توضأت صفية واستقبلت القبلة وقبل ان تقيم صلاتها قالت مناجية ربها
ماتفضحنيش يارب
في ذات الوقت وصلت المشرفة لحجرة العاملات في الدور وسألت
من المسئول عن نظافة حجرة السيدة صفية
اشارت احداهن على فتاة ونظرت لها المشرفة لتجدها بيضاء البشرة من الخوف
نعم انا
قالت المشرفة
اذهبي لتساعدي السيدة صفية في البحث عن الحذاء فهي لا تجد حذاءا معينا
قامت الفتاة وجرت ناحية الحجرة وهي تلطم وجهها فهي بالفعل اخذت حذاءا من لديها وجدت مثله حذاءا اخر لكي تقابل به صديقها والآن ماذا سيحدث انها بذلك ستنهي عملها هنا ولم يمر عليه بضعة اشهر
ليتها لم تستمع الى صديقها حين اخبرها ان السيدات لديهن مرض الالزهايمر الذي يجعلهن لا يتذكرن كثيرا
وقفت امام باب الحجرة وسمعت صفية وهي تسب وتلعن فدخلت وهي في حالة هجوم وحين رأتها صفية بدأت في العراك فقالت البنت قبل ان تكمل صفية
انا لا اتحمل منك الاهانة ثم ها هو الحذاء بجوار النافذة واذا سببتيني فانا سأترك المكان كله
وخرجت مسرعة وذهبت الى المشرفة لتخبرها انها لا تحتمل الاهانة وخرجت مسرعة من المكان


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ