لماذا نجع عون (6)
لماذا نجع عون (6)
بعد فترة من بدايات نجع عون علمت ان هذا المكان والاشخاص الذين يعيشون هناك اصحاب فطرة سليمة وانهم جادون في العمل وسيكون لهم شأن لو تحسنت حالتهم الاقتصادية و لذلك بدأت اركز فقط على منطقة عون فاصبحت اذهب هناك ثلاث مرات اسبوعيا وعلى الرغم من بعد المسافة الا انني كنت اشعر وكاني اذهب الى عمرة و لذلك كانت الارض تطوى واشعر انها مسافة قصيرة
كنت في كل مرة احاول متابعة ما تم من انجازات في اتجاه الامن الغذائي وفي نفس الوقت و احاول ان اقضي وقت مع الاطفال و اعطاءهم بعض المهارات المختلفة واقوم بتعليم الفتيات بعض المهارات في المشغولات اليدوية و هذا ما كنت اقوم به في ابيس قبيل الذهاب الى نجع عون
كانت لدي ورشة للاطفال في ابيس 2/8 و كان الاطفال يتعلمون فيها العديد من المهارات و كنت استعين بهؤلاء الاطفال في توريد مهاراتهم لمنطقة نجع عون
في نفس الوقت كان رجب يقوم ببناء المركز الذي قررت ان يحتوي على بعض المشروعات متناهية الصغر مثل تحضين الماشروم و تحضين دود القز و كان ايضا هناك المخبز الصغير الذي اصبح يعلم كل الشباب طريقة الخبز الى الان
كانت تلك اللحظات الشيقة والتي ارى فيها اطفالا لم يستعملوا الوانا طوال حياتهم وفرحتهم بان يقوموا بتلوين الاوراق والرسومات غير مسبوقة فانا كنت خلال حياتي في العمل العام اتعامل مع اطفال في ملاجئ ومؤسسات مثل الاحداث وغيرها وكنت اعرف ان الاطفال يعشقون الالوان و كانت دائما ما تكون هدايا الاطفال في العيد
كانت تلك الفترة هي الفترة التي ادرس فيها المكان واعلم اي الاعمال افضل واي النشاطات افضل و رأيت ان النفوس بكر لم تعاصر الكثير و بالتالي علمت انها ارض خصبة ستتلقى العديد من التوجيهات دون ملل و يمكن بالفعل التأثير الايجابي عليهم بسهولة
كنت اجدها الفرصة المناسبة لكي اعطي تعليقات على التصرفات العفوية و ابث رسائل غير مباشرة عن عدم التنمر على الغير و ستر المخطئ و حسن الخطاب و في نفس الوقت اتابع روحهم المعطاءة فلم اجد منهم الا النادر الذي اجد فيه الطمع والشره بل على العكس كان معظمهم راض وقانع
بدأت امارس التطبيق العملي لنظرية تغير السلوك بتغير الاحتياجات التي كنت قد اقتنعت بها وقررت ان ابدأ في رفع الاهالي في المنطقة تدريجيا في هرم الاحتياجات لديهم
وكان الصعود التدريجي مفروض علي لعدم وجود الاموال والدعم الكافي لسرعة التحرك وكان ذلك لمصلحة برنامج التنمية
بدأت في معرفة عدد الاسر التي تعيش تحت حد الفقر
ونظرا لعدم وجود الامكانيات الكافية لعمل اسطح للمنازل قمت باستخدام الصاج لتغطية المنازل لان القش لم يكن يحميهم من الشتاء او بالاخص المطر لانه لم يكن يمنعهم من البرد ولكن حكم المضطر لان كنت اقوم بعمل سطح لثلاث منازل مقابل الصب لمنزل واحد و لم يكن هناك ما يكفي لكل المنازل
كانت صديقتي العزيزة التي تعرفت عليها وقتها من القاهرة Samar Samir Elshaboury والتي اهدتني فكرة ان نقوم بعمل نموذج ناجح و نجع مثالي و اصبحت دائما ما ترسل لي الدعم من اصدقاءها واصحاب الخير من القاهرة و ملأت المضيفة بالعفش الذي يستقبل ضيوف النجع الى الان وبالفعل قمنا بعمل اسقف من الصاج لعدد لا بأس له من المنازل
و اقترحت علي صديقة عزيزة وجارة Mayada H Ismail ان نبدأ في عمل اسقف مصبوبة و كانت لي دعما كبيرا لانها بدأت معي في تعريف كل الاصدقاء بوجود تلك المنطقة و اضافت لي Dalia Hosny بمعارفها المتميزة العديد من المتحمسين لتحسين اسقف المنازل وبدأنا مشوار العيشة الادمية
والعيشة الادمية هي ثاني خطوات التنمية
فقد قلت في المرة السابقة ان الخطوة الاولى هي الامن الغذائي ورفع الاسر من حالة العوز التام وعدم القدرة على توفير الطعام الى اسرة يمكنها ان تجد قوت يومها
حين تجد الاسرة قوت يومها تتحول نفسيا من حالة الطفل الرضيع الى حالة الصبي الذي يجب ان يكون بجوار امه ويجب عليها ان تعينه في حياته ولكن مع وجود منزل آمن يشعر الانسان انه مستقل و في حالة من الاستقرار مما يجعله ينتقل الى حالة المراهقة
وانا كنت اريد ان اصل بنجع عون من حالة الصبا الى حالة المراهقة وذلك بالانتهاء من برنامج العيشة الادمية
ومما اسرع في ان اتجه الى صب الاسقف ان استخدام الصاج لم يصمد امام رياح الشتاء واصبحت الاسقف تطير مع اي نوة
ايضا وقتها كان يجب علي ان اكمل محارة المنازل لاني كنت اجد ان العيشة في منزل من الطوب يجعل البيت مرتع للابراص والسحالي والثعابين و غيرها من الحشرات و اصبح من الضروري تمحير المنزل و عندها اتفقت مع الشيخ رجب ان يقتصر شراء الاسمنت على السوق حوله و ان يقوم يشراء الرمل وكل مستلزمات البنا ء من المشمسة خارج القرية
هذا جعل الاموال تتدفق على بعض التجار الذين بدورهم يستعينون بأهل المكان و كنت اجعل رجب يقوم بدفع يوميات لأهل البيت لمساعدة عمال المحارة وكأنهم عمال مساعدين
في خلال عدة اشهر اصبح هناك شكل اخر من التعامل بين الاطفال و انعكست تلك الخطوة من التنمية على سلوكهم ولنا تكملة
تعليقات
إرسال تعليق