خرائط في الدماغ

فتحت ام حسن الباب لتجد ابن اختها الكفيف علي واقف ينتظر فهللت قائلة

يا اهلا بك كم انا سعيدة انك ستقضي الاسبوع معي

ونظرت للحجرة وهي تنادي على ابنها

يا حسن

سمعها علي فقال

ارجوكي اتركيني اوقظه

قالت ساوصلك للحجرة

ومشي مع خالته وهو يعاكسها ويغمرها باجمل العواطف فهي قريبة من قلبه ويحب ان يكون بجوارها

وصل لحجرة حسن ووقف امام السرير وبدأ في الغناء

كان صوت علي جميلا وظل يقول

ذهب الليل وطلع الفجر

ضحك حسن في السرير وظل مستلق وهو يظن ان علي لن يعلم انه استيقظ

فقال له علي

هيا للافطار فانا اعلم ان تطهو البيض بطريقة مثالية ،

فلما لم يجب حسن قال له علي

انا اعلم انك مستيقظ هيا وبدأ في مداعبته في سريره

قام علي وحضن حسن وقال له

انا سعيد انك معي اسبوعا باكمله

ذهبا معا الى المطبخ وبدأ حسن يحضر المكونات فقال له علي

ساساعدك

تعجب

حسن وقال اغسل لي الطماطم

قال له الطماطم حمراء لون الدفء والحياة

ضحك علي قال والجرجير لون الخير والنماء

وبعد ان اكلا طعاما جميلا اعده علي مع حسن والام تراقب وهي سعيدة

جلسا معا وقص حسن نوادره في الرياضة مع اصدقاءه

وفي منتصف القصة توقف حسن لانه انتبه لشيء حدث لم يفهمه

سأل علي

كيف علمت اني استيقظت وانا كنت ادعي النوم

قال لان النائم انفاسه منتظمة وصوت الهواء يخرج برتابة خلال الانف وانت لم يكن هناك اي صوت يخرج من انفك

علم حسن ان الله اعطى علي حس رهيف يستطيع ان يميز به اشياء لا يميزها هو في العادي لان نعمة البصر خداعة فهي اسهل للرؤية ولكن تشتت الحواس الاخرى

ظل حسن مع علي طوال اليوم وناما مرتاحان وكانا في انتظار اليوم التالي ليكملا ما بدآه من مشاركة في الافكار والحياة

استيقظ حسن ليجد علي مرتد ملابسه بالكامل وبطريقة سليمة ويصلي بصوت منخفض فيه خشوع وجمال

نهض حسن مسرعا لكي ينضم الي علي ويكمل الصلاة ولما عاد من الحمام وجد علي يدندن وتبادلا السلام وبعد ان صلى علي بدآ في تحديد اليوم

بادر علي بفكرة

ما رأيك ان نلعب الاستغماية

فوجئ حسن بالفكرة فالاستغماية لعبة تعتمد على ان ترى خصمك وتمسك به وهو مختبئ في مكان ولكنه وافق لئلا يحرج علي

بادر علي بان قال له ولكن اللعبة تختلف قوانينها مع الكفيف فانا لن امسك بك ولكن ساخبرك بمكانك وعليك الا تتحرك حتى لا تتسبب في ايذائي

وافق حسن على القانون الجديد وقال له ولكن ماذا علي هل افعل بالمثل

قال له يمكنك ان تمسك بي ولكن بدون جري ثم قال له انا سأبدأ العد

اخذ يعد

واحد اثنان ثلاثة

قام حسن بالذهاب الى حجرة الجلوس ثم جلس على كرسي في الحجرة  لعلمه انه لا يراه وقال في نفسه هذه اسهل لعبة استغماية لعبتها

ما ان انهى حسن العد حتى ترك مكانه وذهب الى حجرة الجلوس وكأنه يعلم اين ذهي وما ان وصل لها حتى قال له انت هنا فلا تتحرك من مكانك ومشي في حجرة الجلوس دون ان يصطدم في شيء وامسك به

تعجب حسن وقال له كيف علمت

ضحك علي وقال الدور لك الآن

اغمض حسن عينيه وبدأ العد

واحد اثنان ثلانة اربعة

مشي علي ودخل خلف كرسي في حجرة الجلوس

قام حسن بالبحث عنه في المنزل وخرج من حجرة الى حجرة وهو يتحدث مع حسن وفي النهاية امسك به بعد فترة طويلة من الوقت

قال حسن انت ذكي جدا فانا استبعدت ان تكون في نفس الحجرة

وبدأ العد وحين انتهى سار ودخل الحجرات ولكن الحجرة التي اختبأ فيها حسن توقف فيها وقال له انت هنا لا تتحرك ووصل اليه بسهولة

تكررت المحاولان مرة وراء مرة وفي كل مرة يستطيع علي ان يجد حسن

قال حسن

انا اريد تفسيرا

كيف لك ان تعلم اين انا فاني منبهر بسرعتك في ايجادي

رد حسن

الله اعطاني حواس متيقظة ليعوضني حاسة النظر

اول مرة علمت اين انت من رائحة عطرك

المرة الثانية  جريت لتختبئ فسمعت اصوات تنفسك العالي وهناك مرة غيرت مكان الطاولة وانت تجري فعلمت ان هذا هو مسارك

قال حسن

انا ارى ايضا انك لا تتصادم مع الاشياء قد تحدث مرة ولا تحدث مرتان

اجاب علي

انظر يا حسن الى الحجرة

انت تراها ولكن لا تكون لها خريطة في عقلك

انت تعتمد انك سترى الاشياء ولذلك لا تحتفظ بها ولا تشغل عقلك بها

انا ارسم خريطة للمكان في عقلي واعلم ان كل حجرة بها اشياء مبعثرة وعلي ان اتجنبها ولذلك تراني اسير وانا اعلم ان في هذه الحجرة اسرة او كراسي او طاولات ويساعدني اطرافي في عدم الاصطدام

هل تعلم انك لو قمت بوضع خريطة للمنزل في عقلك يمكنك ان تسير دون ان ترى

قال حسن ساحاول

اغمض عينيه وسار ولكنه شعر ان المسافات بعدت وان حركته اصبحت بطيئة قليلا لانه لم يدرس المسافات بالخطى

قال له علي

ان المسافة يمكنني ان اعرفها يعدد خطواتي وانت اعتدت ان تراها فلا تفكر فيها

اخذ حسن علي في احضانه وقال له

كم انت ذكي يا ابن خالتي العزيز

انا من اليوم سابدأ في وضع خرائط في دماغي واستغل حواسي اكثر

اشكرك على الدرس الذي استفدت منه اليوم