ابليس ضيفا

حفلات هنري
------
     في حفلة صاخبة مليئة بخليط من الأجناس البيضاء و السمراء ، ينسحب الشاب المصري نبيل من وسط الحفلة ليدلف إلى حجره جانبية ليس بها أحد سواه ليستريح قليلا

نبيل    :
( بارتياح )
آه الحمد لله .. إن رائحة عطور النساء المختلفة بدخان سجائر الرجال مع الخمور جعلتني أشعر بالتعب و الدوار .. أنني لا أستطيع أن أتحمل هذه الروائح الممتزجة لمدة أطول

يتجول نبيل في الحجرة فيجد مكتبه كبيرة بها العديد من الكتب فيذهب إليها و يمسك بكتاب في يده باللغة الإنجليزية و عنوانه " كيف تتعامل مع الشيطان"
يفتح نبيل الكتاب ليحاول قراءته ثم يصل إلى سمعه صوت مستضيفة هنري , الشاب الإنجليزي  قائلا 

هنري  : 
يالك من خبيث... تترك الجمال لتبحث عن مفاتيح الجمال كلها.
نبيل    :
( مضطربا )
أسف .. هنري.. أنا لم أقصد التلصص على كتبك و مكتبتك و لكن لم أستطيع الجلوس بالخارج أكثر من هذا
هنري  : 
ما هذا .. ألم تجد الفتاه المناسبة أم ماذا
نبيل    :
إنك تعرف عقدتي ... الوفاء.. لو لم أكن خاطبا لليلى لكان الأمر مختلفا
هنري :
ولكن بعض اللهو السريع  لا يغير في الأمر شيئا
نبيل   :
هل كل من في الخارج أصدقائك من المعهد مثلي .. هل كلهم قابلتهم في معهد تعلم اللغات
هنري: 
لتقل هذا و لكن لي أيضا أصدقاء من خارج المعهد .. دعك من الأصدقاء هل تريد أن تقرأ هذا الكتاب أم تريد أن تطبق ما فيه
نبيل : 
( يضحك) 
و هل أستطيع أن أتعامل مع الشيطان بطريقة أفضل من حفلاتك الماجنة هذه
هنري: 
لا .. إن هذا الكتاب يمكن عن طريقه إرشادات مفيدة أن يجعلك تتحدث إلى إبليس و تطلب منه ما تشاء
نبيل  : 
و ما هي ما أشاء
هنري :
آه .. إنك ماكر إذا .. إن الشيطان لا يجلب سوي المتعة يا نبيل ...  المتعة
نبيل  :
و هل تراني غير مستمتعا بالحياة


 
هنري 
  لا  .. لأنك لم تجرب المتع الشيطانية بعد .. و لذلك تعتقد إنك مستمتعا
نبيل    
  لا .. إني أخاف أن أتقابل معه .. أنه قوي و سيتغلب على
هنري 
  إن الشيطان لا يحاربك لكي يتغلب عليك بل يمتعك ..  وهل تكره المتع          
نبيل   
  هل تعاملت أنت معه
هنري
  و طبقت ما في هذا الكتاب
نبيل  
  دعني أقرأه
هنري
  يمكنني أن أعطيه لك و لكن أعتقد أنك لن تستطيع قراءته بسهولة.. إذا أردت أن تجرب الاتصال بالشيطان فلتقل لي و لنقوم بتطبيق الإرشادات و أنا معك .
نبيل 
  ولم لا .. فلنجرب و بعد ذلك باب التوبة مفتوح .. إنني إلى الأن لم أجرب متعك الشيطانية يا هنري
هنري (بخبث)
  غدا سنتحدث في التليفون لتحديد موعد جلستنا الشيطانية لكن الآن لنخرج مع الضيوف وباب  التوبة مفتوح لك ..  أما أنا فباب الاعتراف مفتوح لي ( يضحكان و هي في طريقهما لخارج الحجرة ) .


إبليس ضيفا
------------
بدون ندم

في يوم من أيام الشتاء الممطرة وقف نبيل بجوار النافذة يشاهد قطرات المطر تتساقط وهو يشعر بقلق غريب .. هل حقا سيقوم بزيارتي ..هل سيحضر إلى منزلي .. كيف تجرأت و أقدمت على هذا العمل العجيب . 
أسترجع نبيل ذكريات مرت به منذ كان يدرس الإنجليزية في معهد بريطاني و تعرف على هنري الشاب البريطاني  الجريء الأفكار.
كان الغرض من توطد صداقتي مع هنري هو أن أكتسب اللغة .. أن أتجرأ في استخدامها ولكن ما اكتسبته من هنري كان أكثر من ذلك ... أنه الأفكار الجريئة... تجربه كل ما هو جديد .. الدخول في أي عالم مجهول .. يالي من أحمق ألم يكن من الأفضل أن أتدرب على اللغة الإنجليزية فقط أم أن ما أفعله الأن أفضل .
يتجول نبيل في الحجرة يمينا ويسارا ثم يتوقف ثانية أمام النافذة فيجد المطر يتزايد و يظهر برق خاطف بين السحاب فيقشعر بدنه نبيل ويفكر قائلا .. " لعله سيحضر الأن و هل البرق هذا هو طريقته في النزول من السماء .. هل يعيش الشياطين فوق السحاب كما كنت أتخيل و أنا صغير..! ؟ .. لعل البرق هو الرسائل الذي يتبادلها الشياطين "   ثم دوى رعد يصم الآذان فأرتعد نبيل و طرق يفكر "  هل الرعد هو أصوات الشياطين أم صوت حركتهم و انتقالهم من سحابة إلى أخري ... إنني خائف .. إن إبليس أخبرني أنه يوم السادس والعشرين من ديسمبر هو موعد لقاءنا .. و اليوم هو السادس والعشرون من  ديسمبر .. إذن يجب أن يحضر
ينظر نبيل إلى الساعة معلقة بالحائط و يقول " آه لقد بلغت الخامسة مساءا ما هذا اليوم يوشك أن يمضي ولا توجد أي بشائر لزيارته سوي بعض الأمطار و البرق و الرعد ... ليتني لم أقرأ كتاب هنري الذي أعطاني إياه.. ليتني لم أمارس تلك الطقوس العجيبة التي استطعت بها أن أستدعي الشيطان ليقف بجانبي أو لأتعامل معه .
يذهب نبيل إلى المطبخ ليحضر كوبا ساخنا من الشاي و يسترجع أحداث اليوم .
إنه يوم عادي .. لم يقابلني فيه أي شخص غريب .. إن الشيطان قال لي ألا أتوقع  أن يظهر لي بشكله الحقيقي و هذا حسن فأني أتخيل أن شكله الحقيقي بشع.. قرون طويلة و ذيل مريب و عيون حمراء بها عنف"  يتنهد نبيل وهو يرتشف الشاي ثم يستمر في أفكاره .

  
إن الشيطان قال لي أنه قد يأتي بأي صوره كانت لعله سيأتي بصوره قطة سوداء أو أفعى .. إنني خائف
يسمع نبيل طرقات على الباب فينتفض حتى أن كوب الشاي قد أنسكب على ملابسه  وقال بصوت فيه قليل من الرجفة
" ننعم .. من الطارق "  .. 
لم يسمع إجابة في البداية فأصر آلا يفتح إلا إذا سمع ردا و أعاد سؤاله ولكن بدأ يستجمع قواه قائلا
"  من بالباب "  ..
فسمع همسا لصوت رقيق يعلمه جيدا فصاح
" ليلى ..
أهلا أهلا  يا ليلى إنها مفاجأة سارة جدا " 
 
فتح الباب ليجد خطيبته وهى غارقة في المياه .. شعرها مبتل و ملابسها أيضا  فأسرع بإدخالها قائلا
 "  أدخلي يا ليلى .. بسرعة إنك تبدين مبتلة .. ماذا حدث "
ليلى  
  لقد وقفت سيارتي في وسط الطريق على بعد شارعين فقط من هنا ولم  أستطيع إدارتها فقلت لعلك تستطيع مساعدتي .. جئت على عجل ومع ذلك تعرضت للبلل
نبيل 
  إني سعيد بحسن تصرفك .. أجلسي سأحضر لك كوبا من الشاي الساخن  أولا
ليلى 
 لا يوجد وقت .. يجب أن أعود للسيارة أخاف أن تأخذ الكثير من الوقت لإصلاحها هيا بنا
نبيل
  هل والداك سيقلقان على تأخرك
ليلى
  أنهما مسافران لأخي لأن زوجته في حالة وضع ولذلك سافرا تاركين لي  المنزل
 نبيل
  حسن إذن لدينا وقت .. أجلسي سأحضر لك أي ملابس غير هذه تلبسيها حتى تجف ملابسك فإنك ستصابين بالبرد هكذا
ليلى ( بخبث)
  إننا مازلنا خطيبين يا نبيل لا أريدك أن تنس هذا
نبيل 
  و أنا أيضا لا أريد أن تنسي إن موعد زفافنا قد أقترب ولن يمر العام حتى تكوني زوجتي
ليلى  
  ولكن لا أعتقد أننا سنقوم بتقديم موعد زفافنا فجأة و بدون علم أهلي ما رأيك
نبيل ( يضحك)
  لا تجعلي خيالك خصبا فأنا أريد مصلحتك فثيابك هذه مبتلة وستتسبب في مرضك ولكي تثقي بي سأذهب للمطبخ و أغلقي على الباب بالمفتاح من الخارج حتى تنتهي من تغيير ثيابك ما رأيك .
ليلى (بثقة)
  طبعا سأفعل .. إنني لا أثق بهذه النظرة الرومانسية التي تنظر إلى بها الآن 

تأخذ ليلى مفتاح المطبخ و تغلق على نبيل و يظل في المطبخ ليعد لخطيبته كوب الشاي ثم يبدأ بإطلاق خياله "  إنها جميلة و رقيقة لكم أحبها .. أنا متأكد جدا أنها ستكون أكثر جاذبيه حين ترتدي روبا من عندي أو بيجاما .. لطالما رأيت هذه المناظر في سينما هوليود ولم أكن أتخيل أنها ستحدث عندي في منزلي "  يبدأ نبيل في التحدث بصوت عال

نبيل
 هل انتهيت يا ليلى
ليلى
  يا لك من متسرع ما زلت أبحث عن شيء يناسبني هل تريد أن تراني رجلا أم ماذا
يصمت نبيل يتحدث لنفسه قائلا "  الفرصة ساغت لي .. الوالدين ليسا في البلدة وهي هنا و زفافنا قريب لماذا لا نحتفل بيوم كهذا سويا و نتعاهد على الإخلاص و تكون ليله سعيدة ممتعة .. سأحاول معها "
يسمع نبيل صوت الباب يفتح فيدق قلبه بعنف و إرتعشت أطرافه لوهلة و نظر لخطيبته فوجدها ترتدي جلابية طويلة بأكمام طويلة  لفرق الطول بينهما
ليلى 
  ما أخبار الشاي هل إنتهي
نبيل (صوته خافت جدا )
 ليلى أنت جميلة
ليلى
  قلت لك يا نبيل لا داعي للرومانسية إنني أتجمد هل الشاي جاهز
نبيل
 لماذا لا أدفئك أنا قبل الشاي
ليلى
 بدأت تتحدث فيما لا أرغب في سماعه ستجعلني أندم على مجيئي
نبيل
لماذا يا ليلى لقد خطبتك لأتزوجك فأنت لي منذ أن لبسنا خاتم الخطوبة إننا ارتبطنا برباط مقدس دعك من الرسميات
ليلى
  ولكن الرسميات جميلة .. إن شعوري أن أبى هو الذي سيعطيني لك     سيجعلني أرتمي في أحضانك بفخر ولكن الآن .. تخيل شعور الخزي الذي سأشعر به حين أري أبى بعد عودته .. إنها خيانة له وليس عدلا
   نبيل (   يقترب منها )
 شعارات .. مازلت صاحبه الشعارات .. إنك زوجتي من الآن زوجتي
ليلى 
 حسن سأكون زوجتك ولكن لن نقيم عرسا ولا أريد زفافا وما سيحدث الآن أعتبره يوم عرسنا وعند عودة أهلي ستخبرهم بذلك وسأنتقل معك هنا في منزلك حتى تنتهي من تجهيز شقتنا
نبيل (كمن أفاق من غيبوبة)
  نعم .. ماذا .. ماذا قلتي
ليلى
  قلت لك سنتزوج الآن .. أحضر المأذون
نبيل
  لنشرب الشاي أولا ونفكر على مهل
ليلى
  عين العقل
  يدخل المطبخ ليحضر قدحين من الشاي نصف الساخن حيث أن حديثهما قد جعله يبرد و أعطي ليلى واحد و أخذ الآخر ثم جلس بجوارها

نبيل
  أين وضعتي ثيابك
ليلى
 على حافة السرير و فتحت المروحة
نبيل (مضحك)
  مروحة في يناير يالك من جريئة
ليلى
  ماذا أفعل أريدها أن تجف سريعا
نبيل ( يقترب منها أكثر حتى يلامس شعرها )
 الله .. ما أجمل رائحة المطر في شعرك
ليلى (بعذوبة) 
  وهل المطر له رائحة
نبيل
  نعم حين يختلط بعبيرك الخاص
ليلى( تبدأ في الاسترخاء)
 ما أجمل الشراب الساخن في الأيام الباردة
نبيل
 بل ما أجمل العاطفة الدافئة في الليالي الباردة
تصمت ليلى و تغمض عينها كمن يتوقع حركة جريئة فيقترب نبيل منها ثم يتخيل يوم زفافهما و كيف أن تعجل وصوله إلى خطيبته ستقلل من بهجة ليله الزفاف
إنه كان يحلم بليله رومانسية بعد صخب و فرح العائلتين .  يحلم بزفة تصله إلى غرفته في الفندق الذي سيقيمان فيه الفرح ..  هل سيحضر المأذون الآن ليفوز بمتعه عاجلة تليها إعتذارات للأهل وقد لا يغفرون  له تعجله .. إن متعة الزواج في الفرحة التي تسبقه قبل الزفاف على الرغم أن دائما يصحبها بعض التوتر لكن ما يلغي هذا التوتر هو شعور الرجل أنه أخذ زوجته و الجميع يدعون له بالسعادة .. ينفرد بها ولا يفكر في النهار الذي يليه بل يفكر في كل لحظة تمر به  معها.
كل هذا كان يدور في ذهن نبيل وهو ينظر ليلى مسترخية بجانبه فقام معتذرا
نبيل 
 عن إذنك سأتحدث مع أحد أصدقائي من القاطنين بحي فيه العديد من الميكانيكيين ليحضر لك أحدهم و سأعود
ليلى ( مندهشة )
  ولماذا التعجل ..  دعنا نشرب الشاي أولا
نبيل 
  لأننا في الشتاء والنهار قصير ولا أريدك أن تذهبي في المساء
ليلى  
  حسنا سأرى إذا ما جفت ملابسي أم لا
نبيل  
  تفضلي ، سأتحدث من حجرة الطعام
تذهب إلى حجرة النوم و تغلق الباب و يذهب نبيل لتحدث في التليفون ثم يعود ليجد المنزل خالي تماما
.. ليلى .. ليلى ..
لقد ذهبت .. ما هذا هل خذلتها .. هل كانت تريدني أن أتمسك برأي و أتمم فكرتي .. لقد سمعت كثيرا عمن يقول "  يتمنعن وهن الراغبات "  هل كانت ترغب في اليوم .. المهم إن زيارتها قطعت بعض الوقت و أنا ما زلت في انتظار إبليس هل سيأتي ......


الفصل الثالث
سياسة الشركة

مرت نصف ساعة منذ أن ذهبت ليلى خطبتي ولم يحدث جديد ... المطر ما زال منهمرا و القلق يملؤني ..كل لحظة تمر أتخيل دخول أفعى و سيرها بجانبي .. أنتفض لكل صوت ..

إن المرة الأولى التي استطعت فيها الاتصال بإبليس كان
هنري بجواري وكنا نسمع صوته .. يا له من فحيح قبيح يقشعر له البدن ولكن
بعدما أتفق على مقابلتي بمفردي يوم السادس والعشرين ديسمبر اختفى هذا الصوت و هنأني صديقي بحرارة حيث أنني قد فزت بهذا اللقاء .

لا أدري لماذا أفعل هذا وأنا لم أكن من أنصار الشر في حياتي .. لم أكن أميل إلى الخداع و لذلك لم أنجح مثل أصدقائي الذين يجيدون فن المراوغة فقد كانوا يكسبون ثقة رؤسائهم بسهوله و أنا لا أستطيع . 

إن الشيطان ماكر و أنا أريده أن يعلمني المكر أنه صبور فوعده لله سبحانه و تعالى بغوايتنا حتى يوم القيامة يعني أن لدية الصبر لكي يظل طوال الحياة الدنيا في صراع مع بني البشر .. 

ما هذا .. جرس الباب يجب أن أسرع بفتح الباب و إنهاء أي زيارة لكي لا يأتي إبليس فيجد لدي ضيف يزعجه و يجعله  يرحل دون أن أقابله

نبيل     
 من بالباب
الطارق
 أنا .. أفتح يا نبيل .. أنا أحمد الدله
نبيل ( باستغراب)
   مديري ..
نبيل  
  أهلا و سهلا .. حصلت البركة .. يالها من مفاجأة طيبة
المدير
  ما بالك يا نبيل لم تحضر اليوم إلى العمل .. هل كنت مريضا
نبيل ( مندهشا لأمر مديره)
  أبدا يا فندم .. لم أكن مريضا ولكن حدثت بعض الظروف الطارئة فلم أستطيع المجيء .. هل حدث شيء في العمل
المدير
  أبدا
يصمت نبيل في انتظار أن يفسر مديره سبب اهتمامه به في هذه المرة وحضوره بنفسه للسؤال عنه فلم تكن هذه من عادة المدير .. بل على النقيض .. فأنه كان دائما متحاملا علي

المدير
 كنت في زيارة لأحد أقاربي بجانب منزلك فوجدها فرصه للمرور عليك
نبيل  
 يا مرحبا .. بيتك يا فندم أي وقت تجد نفسك بالجوار فلتقم بزيارتي فهذا شرف لي ..( يتذكر)  .. أسف هل أقوم بتقديم شراب ساخن أم بارد
المدير
  لا داعي لأن تتعب نفسك فلتجلس لنتحدث عن الشركة ..  هل أنت سعيد بالعمل في شركتك
نبيل ( ينظر إلى عين المدير ليحاول معرفة مغزى سؤاله )
 حسن .. كل مكان في العالم به السئ و الحسن . 
     

المدير
  ماذا تعني بالسئ هل هو أنا
نبيل  
 حاشا لله  لم أقصدك بالمرة ولكن أقصد أن هناك ( بتردد ) بعض الأجواء
         تكون مريحة و بعضها سئ

المدير
 آه .. فهمت ما تعني .. هل تعني التجمعات داخل الشركة .. هذا طبيعي
         من العادي جدا في أي مجتمع أن تجد هذه التجمعات .. كل شخصية قيادية

         تستقطب البعض من صفات الشخصية حولها و تهيمن عليهم .. مع أي

        المجموعات تنتمي

نبيل  
  ليتني أنتمي لأي منها .. إنني محايد ومع ذلك يعتبرني الجميع ضدهم ..
                فإن لم أكن معك فهذا يعني أنني ضدك

المدير ( مبتسما)
 هذا ما جعلني أحضر إليك هنا .. استقلاليتك
نبيل
  استقلاليتي .. أنها كلمة كبيرة على .. أنني فقط لا منحاز .. لا أشعر أن
        لأحد منهم أفضلية على الآخرين

المدير
  لندخل في الموضوع
نبيل ( بارتياح) لندخل في الموضوع .. ما هو فعلا الهدف الذي من أجله كلفت

                نفسك مشقه زيارتي في ليله ممطرة باردة كهذه

المدير
  ذكي .. ذكي جدا .. ولهذا سأئتمنك على سرى لا يعلمه ولن يعلمه سواك
نبيل (بارتياب) 
 خير
المدير
  لا خير كثير.. كثير جدا .. ده لو بس فهمتني
نبيل  
 هل هي مسألة صعبه الفهم حتى لا أستطيع أن أفهمك
المدير 
  إنك مسئول عن معمل الشركة و العينات تحضر إليك من مناطق مختلفة
           و ملاحات مختلفة فتأخذ أرقام لكل عينة

نبيل ( مؤكدا)
  صحيح هذا ما يحدث
المدير 
 و العينات يتم تحليلها جيدا و معرفة مدي صلاحيتها للاستعمال و بالتالي
          نحدد الكميات الزائدة من الأملاح الضارة في كل عينة .

نبيل   
   أعرف ذلك فما الجديد
المدير
  الجديد أنه ينقصنا الكثير من المواد الكيميائية و قطع الغيار ولكي نحصل
           على الملح الصالح جدا للاستعمال يلزمنا أن نوفر هذه المواد و أن تعمل

                جميع آلاتنا بطريقة ممتازة

نبيل 
  نعم ولم لا
المدير
 لم لا ! (مندهشا) كيف وكل هذه الأشياء تحتاج إلى الكثير من الأموال و
                خاصة الدولارات و أنت تعلم أننا بلد فقيرة

نبيل ( يصمت مع عدم ارتياح للموضوع )

المدير( يستطرد) المهم أن الشركة يجب أن تظل تنتج و الا لم وجدنا أنت و لا أنا

                        حتى مرتبات

نبيل
  نعم ولكن هلا دخلنا في الموضوع و تحدثنا بموضوعنا وليس البلد محكل
المدير
 نعم .. نعم .. إن الملح المحلل إذا ظهر في العينة أنه مطابق للمواصفات
                إذن فلا داعي للتعامل معه كثيرا ولن يكلفنا الكثير حتى يتم تعبئته و

                تصريفه .و لن نحتاج لشراء الكيميائيات ولا قطع الغيار 

نبيل
  هذا إذا كان مطابق و للأسف غالبية العينات تحتوي على أملاح ضارة
المدير
 لا ..لا.. لا تقل ضاره إن ضررها يكون بكثرة الاستخدام ثم إن هناك                     درجات من الجودة
نبيل 
  (بدأ يفهم) تقصد إن على أن أظهر نتائج العينات القادمة على أنها وبعد
                التحليل !؟ تصلح للاستخدام مباشرة دون أي تنقية أو ......

المدير(مقاطعا) إطلاقا .. لم أقصد ذلك مطلقا .. أنا لست مجرما .. ولكن الشركة

                و أعيذها .. الشركة لديها مخزون معين و خطة لشراء مواد كيميائية و

                لذلك فإنها تريد التحليل أن يظهر نتائج تتوافق مع المواد التي لديها و

                بذلك تستطيع أن تكسب الكثير فتزيد حوافزنا و تكون صوره شركتنا

                جيدا و  ..

نبيل
  هل هي سياسة الشركة .. أم سياسة رئيس مجلس إدارة الشركة ..أم
                مدير المصانع أما من

المدير
 ما الفارق لرأيك  .. كلها سياسة عليا .. مدير المصانع يريد أن يكسب .
        أعضاء مجلس الإدارة يريدون لشركتهم أن تكسب و مكاسب الشركة

                تعود علينا و على بلدنا

نبيل
  ومن سيشتري هذه الأملاح لاستخدامها .. نحن أيضا وفي هذه الحالة
                الضرر سيعود على الجميع وما نكسبه سنصرفه في العلاج

المدير
 سيتم تنفيه عبوات درجة أولى بأسعار غالية و يمكن لنا شرائها بنسبة
                تخفيض لأننا عاملين .. هل فهمت

نبيل
  إن هذه الأفكار جديدة على .. ما زلت لم أفهم جيدا .. إنني سأتسلم نتائج
                تحليل العينات مسبقا ثم أستلم العينات ثم بعد تحليل العينات يجب أن تنطبق

                على النتائج المعطاة

المدير (يضحك) لا .. لست بهذا الضرر من الـ ... إن ما أعنيه أنك ستقوم

          بالتحليل للعينات القادمة .. ثم نتائج التحاليل الجديدة .. فقط لا غير

نبيل
  (يفكر كثيرا) ولكن هناك العديد من الأملاح المضرة فهل سنتركها
                للاستخدام بعد ذلك

المدير
  سنفعل ما نقدر علية و سنحاول توفير ما نستطيعه من المواد النقية ولكن
           ... حسب إمكانيات الشركة 

نبيل
  و نشتري من الدرجة الأولى طبعا
المدير ( ضاحكا )
  طبعا .. هل لي بقليل من الشاي
نبيل
  لا بل عشاء من الملح الذي لم يتم تعديله بهد..( و يضحك بخبث)
المدير
 لا أشكرك كثيرا
نبيل ( ينهض للمطبخ لتخضير الشاي لمديرة ثم يبتسم قائلا .. أخيرا سيتم ترقيتي

     سأثبت حسن النوايا و أقوم بما يريدون والآن سأكون أول المرشحين للترقية ما

أسعدني بثقة مديري بي .. لن أظل كما أنا في المعمل أحلل العينات بل سأصبح          مديرا للمعامل .. لا بل مديرا للمشروعات مستقبلا ) .. يستدرك نفسه ولكن لا أعتقد أنهم سيقومون بنقلي من المعمل فأنا الأن سأكون مسئولا عن هذه النتائج

الملفقة لن يتركوني أذهب و لذلك سأظل في المعمل

لماذا اختاروني أنا دون غيري .. هل لأنني لا أنتمي لأي من الجماعات التي تتميز بالقوة في الشركة ...آخ نعم مستضعف .. لن أقول لا .. وحين يتم تفتيش العينات من قبل وزارة الصحة سأكون أنا المسئول ولن يكون هناك من يساعدني .. إن على تأمين نفسي .

خرج نبيل من المطبخ متجها لمديره مرحبا

نبيل  
  أهلا .. أهلا .. الشاي على النار .. سيحضر حالا  
المدير
 هل كنت تفكر
نبيل
  جدا و التفكير لم يكن في صالح الموضوع
المدير
  لماذا .. ما اعتراضك
نبيل
  ماذا إذا قامت وزارة الصحة بالتفتيش
المدير
  هذا أمر لا تقلق نفسك به أبدا لقد توليناه مسبقا وتم تسويته
نبيل
 كيف .. ما دخل وزارة الصحة بالمخزون من المواد الكيميائية لدينا
المدير
 لقد تم تسوية مع مفتش وزارة الصحة .. إنه صديق شخص لي ..
        إنك كنت العقبة الوحيدة و الحمد لله تفهمت الموضوع و أعتقد أنه ليس

        لديك مانع

نبيل
  نعم نعم  لكن في مقابل ماذا
المدير
  يالك من طماع أقول مصلحة البلد تقول بكم
نبيل
  إن الصداقة الشخصية مع مفتش الصحة هي التي دفعتني لذلك
المدير
  يا نبيل لا مقابل مادي لهذه الأشياء .. إنني لا نرشي ولا نرتشي
           أنها لصالح الشركة

نبيل
  أشك في ذلك
المدير
  و لنفرض ماذا سيكون موقفك
نبيل
  أولا هل الذي يقوم بالدفع هي الشركة أم موردي العينات
المدير
 ذكي .. ذكي جدا
نبيل
 إذا .. أنا سأقوم بتحليل العينات لصالح موردينها لكي يرتفع سعرها أليس
       كذلك

المدير
  لنقل نعم
نبيل
 إذا يمكن أن يكون مخزون في الشركة يكفي لتنقية هذه الأملاح و لكننا لن
        نستغلها       

المدير
 نعم
نبيل  
 أي أن المريض أمامك و الدواء أمامك و ترتشي لكي لا تعطي الدواء
        للمريض

المدير
 لا داعي للدخول في مثل هذه المهاترات فأنا لست رجل شعارات
نبيل
  أقوم بتغيير نتائج التحليل لغرض شخص و لمورد معين ثم أنتج الملح
         الفاخر لي وله و بقيه الناس تستعمل ملح به نسبة سموم الله أعلم بتأثيرها

       عليهم

المدير
 السموم في كل شيء و تعايشنا معها .. أنها في الحلويات التي يأكلها
  أولادنا كل يوم في الكيماويات التي ترش بها خضرواتنا التي تأكلها كل يوم ..     في الشارع مع كل شيء تتحرك في بيوتنا مع كل جهاز يفتح .. دعك من هذا إننا شعب أعتاد على السموم فما رأيك النهائي .. أريد أن أذهب

نبيل
  لا يا سيدي و أعتبرني أسمع حديثك من بدايته .. إنك كنت تتحدث مع
         شخص أخر أعزرني سأذهب لإحضار الشاي


و يقوم نبيل للمطبخ وهو يتمتم .. أنا الذي أقوم بذلك ثم يصاب الناس بالأمراض
و أعيش حياتي معذبا و .. هل أنا الوحيد المستضعف بالشركة .. لا وألف لا ..
أنا أقوي من ذلك كثيرا أستطيع أن أقول لا حينما لا أريد

أحضر الشاي و خرج فلم يجد أحد بالخارج .. علم أن مديره ذهب فاستراح فلم يكن في الحالة التي تجعله يلقي خطبا و لكن .. الساعة كم .. إن إبليس لم يحضر و أنا مازلت في إنتظاره .. ليته يحضر الأن .

الفصل الرابع
=========
يسمع نبيل طرقات بسيطة على باب المنزل فيستجمع شجاعته و يذهب لفتح الباب ليجد جارة الشاب عمر واقفا بجانب الباب فيدخل سريعا و يحاول إغلاق الباب بهدوء هامسا
عمر   :  ممكن أدخل
نبيل   :  أعتقد أنك فعلتها
عمر   :  أنني أسف ولكن أريد أن أتحدث معك في موضوع خاص جدا ولن
           يفهمني سواك
نبيل   : بماذا يختص
عمر   : لندخل فأنا لا أريد أن يسمعني أحد
نبيل ( يدخل إلى مجرة الجلوس و يليه عمر ) : خيرا بإزن الله
عمر  : إن شاء الله خير .. إن الموضوع حساس جدا و يختص بفتاه أحببتها من
        كل قلبي و هي بادلتني الشعور .. ولكن . إنك تعلم أنني مازلت في الكلية          في الثانية و إنني ما زلت متعثرا قليلا بالدراسة
نبيل  : نعم و علمت الأن السبب
عمر  : لا ... لا تقل هذا إن رشا تدفعني دائما للمذاكرة و تحثني عليها لأن في
         التخرج فائدة لنا نحن الاثنين .. لكي نتزوج
نبيل :  وهي زميلتك بالجامعة
عمر : لا إنها في السنة الثالثة الإعدادية
نبيل ( بتعجب و دهشة ): طفلة .. إنها طفلة يا عمر كيف تجرؤ على هذا
عمر : ليست طفلة إنها ناضجة شكلا و موضوعا فمن يراها يتخيلها فوق العشرين 
       لن تصدقني حتى تراها .. قوام و رشاقة و طول بنت العشرين و نضج و
        اتزان بنت العشرين لكن براءه سنها
نبيل : لندخل في الموضوع الذي جئتني من أجله
عمر : نعم لن أطيل عليك .. أننا .. أننا نريد أن نتزوج
نبيل :  هل جننت .. ما هذا الذي  تقوله . تتزوج طفله
عمر :  لقد قلت لك إنها ليست طفله و الإسلام لم يمانع في أن تتزوج طفله إنما   
         المجتمع  هو الذي يرفض و أنا و رشا ضد المجتمع و مع الإسلام
نبيل :  لا .. لست مع الإسلام إنك مع شهواتك
عمر :  كنت أظن إنك ستفهمني .. إن رشا أكثر من رغبه أو شهوه ..  إنها     
          المستقبل .. إنني أري حياتي من خلالها .. أريدها لكي تشاركني
          جميع آمالي و همومي و طموحي و مشاكلي كل شيء.. كل شيء
نبيل :  وما دوري في هذا الزواج
عمر :  شاهد
نبيل :  شاهد على الزواج.. لا .. أنا لا أوافق على هذا
عمر :  إن لم تشهد أنت شهد غيرك
نبيل :  إذن لماذا جئتني أنا
عمر :  لآن أريد أن أقيم حفله زواج بها عندك
نبيل ( يعلو صوتة) :  إنك جننت .. إن ما تطلبه هو المستحيل بعينه ثم دعني
              أسألك و لماذا لا تقيمها في منزلك أو منزلها أو أي مكان
عمر :  ماذا تقول .. إن أهلي و أهلها لن يعلما بهذا الزواج
نبيل :  يا لفرحتي .. و أقوم أنا بدور الشاهد و أب لك و أب لها و شيطان 
       بينكما حينما تختليان
عمر : لا تفهمني بطريقة خاطئة .. إنني لن أتزوجها فعلا .. ولن أخلو بها و لكنني
       فقط سأجعلها لي وحدي .. سأتزوجها عرفي ولكن على الورق فقط حتى إذا
      تقدم لها أي إنسان فلن يستطيع أن يتزوجها ومعي هذه الورقة .
نبيل :  وهذا هو رأيكما .
عمر : ليس بالضبط .. فهي بالنسبة لها هذا الزوج ضروري لكي تستطيع الخروج
       معي و النزهة و حتى الرحلات يمكن الذهاب سويا لأنها مؤدبه و لا تريد أن
      تتصرف بما ينافي الدين و لذلك حينما نكون متزوجان فسيكون هناك فرقا .
نبيل : و ماذا إذا إختليتما إنها ستكون زوجتك .
عمر :  هذا يعتمد على ما سأستطيع الحصول عليه
نبيل يصمت مفكرا :  إنهما متزوجان خير من ألا يكونا متزوجين .. ولكن المشكلة
              هو أن أهلها و أهله لا يعلمان بذلك .. إن كان الغرض هو إبقائها بلا
     زواج من أخر حتى يستطيع هو التكفل بها فمن الحكمة أن يتقدم طالبا
     يدها بدون الزواج . وهناك بعض الأهل الذين يقبلون قراءة الفاتحة
     أو الخطبة الطويلة .. إنني لن أشجعه على الارتباط بدون رأي الأهل
     فهذا مهم جدا .. مهما حدث سأشعر بمسئوليتي عم هذا الحدث .
عمر :  أراك صامتا
نبيل :  أفكر يا عمر .. أنك تطلب مني طلبا لم أتوقعه بل ولم أفكر فيه من قبل أن
        أكون شاهد على زوج عرفي
عمر :  يمكنك أن تتوكل على الله إننا لن نفعل شيئا يحرمه الله
نبيل :  كيف و ستتزوجها بدون علم أهلها و هي طفله إن الله لا يقبل الخداع و
        الكذب كيف تريدني أن أتوكل على الله وأن أقوم بعمل أخجل أن أصارح
        به أحد بل أنني لا أرضاه لأخت لي أو قريبه .
عمر :  أذن أنت ترفض
 نبيل : لا أرفض فقط بل أريدك أن تتقدم إلى أهلها طالبا يدها مقدما حسن النوايا و
         أعتقد إن رضاء الأهل عن هذا لن يجعلك تحضر متخفيا و نتحدث كمن
         يخطط لسرقة أو لقتل .
عمر :  لم أكن أعلم أنك رجعي .
نبيل :  لست رجعيا ولكن ما أقوله إن كنت تحبها فلا تجعل حبك لها يعميك عن
        الصالح لكما .  إنك تحب نفسك الآن و تريد أن ترضيها لكن لا أراك تحبها
        هي .
عمر :  أتمني أن تغير رأيك .. حاول أن تفكر في هذا الموضوع و كأنك ما زلت
         في نفس سني .  سأعود للمنزل و لكن أرجوك لا أريد أن يعلم أحد بهذا
        الموضوع .
نبيل :  لن أخبر أحدا ولكن أتمني أن تخبرهم أنت لتأخذ رأيهم لعل أباك يساعدك
عمر :  إلى اللقاء
نبيل :  إلى اللقاء
يغلق نبيل الباب و عيناه معلقتان على الساعة في الحائط و هو يتأفف
نبيل : أضاع نصف ساعة ولكن إنني بدأت في فقد أعصابي ..  إن لم يحضر    سأترك المنزل -  إن ساعات الانتظار تساوي الكثير جدا من ساعات البلاء و كالقول المأثور "  وقوع البلاء - خير من انتظاره "
يذهب نبيل إلى النافذة و ينظر للخارج فيجد سياره هنري بالخارج أمام منزله
نبيل ( يتعجب): ماذا أحضر هنري هنا .. إنه لم يقل لي أن له أصدقاء بالجوار ..    
      أو لعله في طريقه إلى ...
      يسمع جرس الباب فيذهب مسرعا .. يفتح الباب فيجد هنري أمامه
هنري :  مرحبا بالشيطان الصغير .. هل قابلت إبليس بعد
نبيل  :  مازلت تتذكر يا هنري .. إنك قوي الذاكرة جدا يا هنري
هنري:  إنني لا أستدع الشيطان كل يوم لكي أنس .. إن الأحداث الهامة لا تنس
نبيل  :  هل تتخيل إنني أنتظره منذ الصباح الباكر .. لم أستطيع أن أذهب إلى 
         العمل.. الأحداث تتوالى ولكن لم يظهر
هنري :  ما هي الأحداث إلى توالت
نبيل   :  حضر لزيارتي العديد من الناس ولكن إلا هو
هنري :  ولماذا لم يكن هو أحد هؤلاء الذين حضروا لزيارتك
نبيل (منفعلا ) :  مستحيل .. إنك تهذي .. إنه قال أنه لن يحضر بشكله و سيحضر 
       متنكرا مثل أفعى أو تنين أو أعتقد أي شكل أخر مخيف
هنري (ضاحكا):  يالك من فتى ذو خيال خصب .. ها. ها .. أستمر ضاحكا لفترة
     ثم هدأ و نظر لنبيل " هل تتخيل أن يظهر أمامك تنين ليقول لك أنا الشيطان 
     مرير تعال و تعامل معي
نبيل   :   لا تهذأ بي .. أنني لم أقل بل قلت مثلا
هنري :  ولماذا لم تتخيل أنه سيحضر على هيئة إنسان
نبيل (مفكرا) :  نعم .. لماذا لم أتخيل .. لأنني أراه في الأفلام على هيئة أفعى ..
           أو لعلني اعتقدت أن صورته يجب أن تكون قبيحة
هنري  :  على النقيض .. إن الشيطان يرغب ولا يرهب .. إذا كان ذرى الهيئة أو
           مخيف فسينفرك منه .. إن الشيطان يجب أن يكون ناعم و جميل الهيئة
           حتى لا ينفرك فلا تستمع إليه     
نبيل  :  ولكن من حضروا إلى أناس أعرفهم جيدا بل أنهم بعض الأحيان من أقرب
         الناس فكيف يتقمص دورهم ولا أعرفه
هنري :  لأنه لا يتقمص الشخصية بل يأخذ نسخه منها .. أذكر لي من هم و لنري
نبيل   :  خطيبتي و مديري و جاري
هنري :  وأنا أيضا .. أليس كذلك
نبيل ( بتعجب) : و أنت هل هناك شك
هنري :  وما كان لقاءات العديدة تدور حول .. ما المواضيع التي فتحت وماذا
          فعلت أحكِ لي
نبيل  :  لا جديد .. لا شيء .. زيارات عادية
هنري ( يغمز) :  حتى خطيبتك 
نبيل   : ماذا تعني .. إن خطيبتي من أشرف الفتيات
هنري ( يضحك) : و تريد أن تتعامل مع الشيطان و أنت إلى الآن خطيبتك لم 
             تكن لك
نبيل   :  لا تنس .. نحن لسنا أوربيون .. إن الجنس لدينا يبدأ بعد الزواج
هنري : وهذا ليس من أعمال الشيطانية .. إنك لكي تتعامل مع الشيطان يجب
         أن تندمج مع المتعة دون التفكير في المجتمع .. أوربي .. أمريكي ..
         أم عربي كلنا بشر
نبيل  : ولكن لا أريد أن أستغل حب خطيبتي لي و أخذ متعة قد تسبب لا ألم
         أو حرج أمام أهلها .. لا أستطيع أن أنسلخ عن بلدي
هنري :  ولكن تريد التعامل مع الشيطان -  لماذا لا تستعد لملاقاته ببعض المتع
          الشيطانية إن صديقتي الأن تنتظرني في السيارة سأذهب و أرسلها لك
          لكي تقوم بعمل شيطاني يشجع صديقنا إبليس فيحضر
نبيل  : لا .. لا أريد يا هنري لقد بدأت أندم .. أنني لا أريد التعامل معه ملاقاته
        ليست متعه .. أخاف أن أندمج معه فأبدأ في الحصول على المتع
        الشيطانية  و بذلك أؤذي كل من حولي
هنري : شيء في مقابل شيء
نبيل   :لا أنه مقابل كبير جدا .. إن كانت محصورة في فقط أوافق ولكن أؤذي
        من حولي فكلا
هنري (  يتغير شكل وجهه قليلا و تظهر على وجهه علامات من القسوة و
        لغضب و يبدأ في الحديث بصوت أجشن)
        : لا .. لا .. يجب أن توافق
نبيل ( يتراجع بعيدا عنه) :  ما .. ما هذا .. يا هنري إن صوتك يتغير .. إنه     
      الصوت سمعته معك في حجرة منزلك حينما إستدعينا الشيطان .. لا ..
      لا .. أنه أنت هل جاء في صورتك
هنري( بنفس الصوت الأجشن)  : بل أنه أنا .. أنا إبليس فما رأيك تعال نتعاون
( يعود صوت هنري لطبيعته ) هل أرسل لك صديقتي التي تنتظرني في السيارة
       أنها تريد أن تخرج اليوم و تقضي الليلة معك للتجديد فيجب أن نقوم ببعض
       التجديد لكي تعود إلي و بها الرغبة للقائي
نبيل ( مازال منزعجا و عيناه متسمرتان على صديقه هنري ): ... أعتقد أنه
     يجب أن نعلم ما هو مقابل تعاوننا سويا ما سأجنيه وما ستجنيه
هنري : لن أجني شيئا و لكن أنت ستجني كل المتع سأسهل لك كل  ما تريده من 
         متعه بمجرد رغبتك في ذلك .. النساء .. المال .. الشهرة .. أي شيء
نبيل   :  و إن لم يعجبني التعاون معك
هنري ( يعود صوته للخشونة ) : ماذا .. ماذا تقول
       يتقدم نحو نبيل و في الوقت ذاته يتراجع نبيل
نبيل  : ما يضيرك إن لم أتعاون .. إن لديك البشر جميعا حولي يريدون هذا
       التعاون لديك عمر جاري أو ... أو مديري لديهم النوايا
هنري : لا أريدهم فهم متعاونون .. بل أريد الشخص العنيد مثلك
نبيل ( يسقط على الكرسي من الخوف ):  لا أستطيع .. لا أستطيع 
هنري : ( يضحك بهيستيريا ويظل يضحك لمدة طويلة) ألم تلاحظ بعد .. يالك من
        ساذج ها ها ها ...ها
نبيل   : يتعجب و يظل مندهشا وهو ينظر لهنري
هنري ( يحاول التماسك) :  حقا .. ألم تلاحظ
نبيل   :  ألاحظ ماذا
هنري :  ألم تلاحظ أنني أنا كنت أقوم بدور الشيطان يوم كنت في منزلي حينما
           جلسنا لنستدع الشيطان
نبيل  :  نعم أنه نفس الصوت اليوم 
هنري : ( يسكت عن الضحك ) ثم .. ألم تستنتج من هذا أي شيء
نبيل   : استنتجت أنك الآن جئت لتقابلني حسب موعدنا
هنري :  إنني لست بشيطان ولا إبليس يا نبيل لقد قمت بتمثيلية محبوكة يوم كنت عندي ولم تلاحظ أنه كان أنا من يكلمك وذلك لأنني ملئت الحجرة          بالدخان و البخور
نبيل   :  ثم
هنري :  ثم جئت اليوم لأكمل التمثيلية ولكن وجدك سيغش عليك فخفت إن
         إستمريت أن يقف قلبك
نبيل  : إذا لم يكن هناك شيطان ولا لقاء
هنري : بالطبع ... حينما دخلت الحجرة ووجدك تمسك بالقصة التي عنوانها
         كيف تتعامل مع الشيطان أرت أن أداعبك
نبيل  :  ويا لها من دعابة
هنري :  ولكن أحييك .. إن الشيطان لن يستطيع أن يصل إليك بسهوله يا عنيد  
نبيل  :   كيف هذا
هنري :  لقد عرضت عليك فتاه و رفضت و أنت شاب ومازلت عازبا
نبيل   : لأن صورة خطيبتي ما زالت أمام عيني .. فأنا أحبها و أريدها .. إن الجنس للمتعة لا يجلب سوى الندم و لكن الجنس في الزواج هو المتعة لأنني مستعد لتحمل تبعاته .. إن كان طفلا فسيكون هو متعتي و إن لم يكن فلن أندم لا يا هنري أنني مختلف عنك في هذا
هنري : أستودعك و أراك قريبا لأنني متعاون فعلا مع الشيطان و أنصحك لا تثق بالناس بسرعة فكلهم شياطين متنكرة

يخرج هنري من المنزل و يظل نبيل واقفا ثم ينظر من النافذة ثم يقول

نبيل :  كم كنت غبيا إذ بدأت في التفكير في الشيطان هل كنت أريد أتعاون معه حقا -  هل كان هو هنري ... أم أن هنري كان يتلاعب بي و بخيالي ..هل جاء على هيئه خطيبتي ليختبرني إذا إندفعت في عواطفي معها وحين رفضت ذهب هل جاء على هيئة مديري ليري إذا كنت سأرتشي وحين رفضت ذهب هل جاء على هيئة عمر جاري الأرعن الذي يريد أن يستغل سذاجة و برائه طفله وحين رفضت أن أعاونه ذهب ..  أم أن الشيطان يسكن في كل شخصيه ينتظر لحظه ضعف ليرفع بالشخص في الاندفاع و الانغماس  في الخطأ
أنني الآن مقتنع بشيء واحد هو أن الشيطان قوي و لكننا أقوى فيجب ألا...نعطيه الفرصة لكي يتغلب علينا

  ينظر نبيل من زجاج النافذة فيرى وجها مفزعا أمامه فيصرخ صرخة عالية ثم
 يسمع ضحكات من أسفل النافذة و حينما ينظر لأسفل يجد الوجه ممسوكا بعصا   طويلة و نهايتها يد هنري وهو يقول له
      
هنري :  نم جيدا يا نبيل و أطمئن إنك أقوى من الشيطان فأهنئ بالا أنني مطمئن عليك -  ودائما يا نبيل – أنصحك بالابتعاد عن أمثالي ..أننا شياطين الأنس .


      




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علامة الاذن التيسير

يجب التمهيد لوجود برص في البيت

الانسان تاريخ